صلينا العشاء، ثم نام الأخ زبير. بقيت أنا والأخ حسني عند الأستاذ.

ثم قال الأخ حسني: «إن رجليّ بدأتا تؤلمانني من الوقوف والسهر، أريد أن أرتاح قليلاً».

قلت: «إنني مرتاح الآن، اذهب أنت أيضاً للنوم».

بقيت وحدي عند الأستاذ. وكان الأستاذ قد طلب منذ الصباح الباكر قطعة ثلج، لما كان يشعر به من شدة الحرارة، فبحثنا عن الثلج ولم نحصل عليه. وعندما حلّ الليل جاء بعض الأصدقاء وقد حصلوا على الثلج. فقلت: «أستاذي لقد حصلوا على قطع من الثلج!» فأشار بالرفض.

- أستاذي هل أحضر الشاي؟

فأشار بالرفض.

وعندما أشارت الساعة إلى الثانية والنصف ليلاً بدأت شفتا الأستاذ بالجفاف، وكنت أبللهما بمنديل. ثم كلما كنت أريد أن أغطيه يرفض، واستمر هكذا لفترة قصيرة.. أسدلت على المصباح شيئاً ليخفت ضوءه، لئلا يقلق ضوؤه راحة الأستاذ..

بدأت أرخى ساعديه فضمني إليه، ثم وضع يده على صدره، واستسلم للنوم.. فأشعلت المدفأة، وحيث كنت أظنه نائماً. انتظرت أن يصحو على السحور، فكنت أقول في نفسي:سوف يأتي الإخوة الآخرون ونتناول السحور معاً. فوا سذاجتاه! لم أكن أعلم أن الأستاذ قد فارقنا، وأنه قد انتقل إلى عالم الخلود، وأغمض عينه عن هذه الدنيا الفانية.

لم أكن قد رأيت سابقاً مثل هذه الحالة! فأنّى لي أن أعلم!

مضى وقت السحور كثيراً، وجاء الأخ حسني مع الأخ عبد الله وقالا: «لقد نمنا كثيراً أطلنا فيه».

قلت: «سأذهب إلى الغرفة المجاورة لأصلي الفجر، فلا تحركوا ساكناً لأن الأستاذ نائم».

ذهبت إلى الغرفة، صليت الفجر، قرأت الأذكار والأوراد اليومية، مع جزء من القرآن الكريم. وما إن أردت أن أطبق جفني لأنام حتى جاء الإخوة:


Yükleniyor...