ومما يروى عن الفدائيين الأرمن أنهم اشتهروا بكتمان السر وعدم إفشائه مهما بلغ بهم التعذيب حتى لو كُبّ أحدهم على الجمر وتفجرت عيونه. ومع هذا كان الروس يقولون: «إن متطوعي بديع الزمان تفوقوا على فدائيي الأرمن في بسالتهم، حتى تمكنوا من سحق القازاق».
كان بديع الزمان دائم الحركة في خط الدفاع الأول، خط النار لبث الروح المعنوية والشجاعة والإقدام للجنود، وما كان يحتمي بالخندق. وعندما كان على صهوة جواده يندفع يميناً وشمالاً في الصف الأمامي في خط النار، إذ بخاطر يخطر على قلبه ويحفر في روحه فيخاطب نفسه:
إذا استشهدتُ الآن احذر أن يكون في موقعك هذا وأنت متقدم الجميع في خط النار شيء من حب الظهور الذي يثلم الإخلاص، الذي هو أحد أسس مرتبة الشهادة.. وعقب هذا الخاطر عاد إلى الخندق مباشرة ولم يعقب وانضم إلى أخلّائه.
وبعد نجاة الوالي والقائد گل علي والأهلين بانسحابهم ليلاً مع المتطوعين والجنود، ظل بديع الزمان مع عدد من المتطوعين في «بتليس» لإنقاذ الذين عجزوا عن الهجرة. وما إن تبدد الظلام حتى رأوا أنفسهم تجاه فوج من جنود العدو فاستشهد كثيرون ممن معه، ومنهم ابن أخته «عُبيد» ولم ينج إلّا هو وأربعة من طلابه باختراقهم صفوف العدو بشكل خارق.
فخاطب من معه مسلياً لهم: لا نستعمل سلاحنا إلّا عندما يجابهنا العدو بعدد غفير، فلا نبيع أنفسنا رخيصة. ولا نطلق ما لدينا من طلقات على واحد أو اثنين من العدو. (222)
الأسر
«لقد أحاطتني أوضاع مخيفة جداً في تلك الحرب العالمية، حتى تمزقت المسودة الأولى لإشارات الإعجاز بيد العدو حيث أصابتني أربع قذائف دفعة واحدة، وجُرحت في إحداها، وانكسرت ساقي، فبقيت في الماء والطين أربعاً وثلاثين ساعة منتظراً الموت، ومحاصراً من قبل العدو. فهذا الوقت يعدّ أحلك أوقاتي اليائسة وأشدها رهبة». (223)
وإنها لعناية إلهية أن الجنود الروس لم يعثروا عليهم رغم البحث المستديم ورغم أنهم
كان بديع الزمان دائم الحركة في خط الدفاع الأول، خط النار لبث الروح المعنوية والشجاعة والإقدام للجنود، وما كان يحتمي بالخندق. وعندما كان على صهوة جواده يندفع يميناً وشمالاً في الصف الأمامي في خط النار، إذ بخاطر يخطر على قلبه ويحفر في روحه فيخاطب نفسه:
إذا استشهدتُ الآن احذر أن يكون في موقعك هذا وأنت متقدم الجميع في خط النار شيء من حب الظهور الذي يثلم الإخلاص، الذي هو أحد أسس مرتبة الشهادة.. وعقب هذا الخاطر عاد إلى الخندق مباشرة ولم يعقب وانضم إلى أخلّائه.
وبعد نجاة الوالي والقائد گل علي والأهلين بانسحابهم ليلاً مع المتطوعين والجنود، ظل بديع الزمان مع عدد من المتطوعين في «بتليس» لإنقاذ الذين عجزوا عن الهجرة. وما إن تبدد الظلام حتى رأوا أنفسهم تجاه فوج من جنود العدو فاستشهد كثيرون ممن معه، ومنهم ابن أخته «عُبيد» ولم ينج إلّا هو وأربعة من طلابه باختراقهم صفوف العدو بشكل خارق.
فخاطب من معه مسلياً لهم: لا نستعمل سلاحنا إلّا عندما يجابهنا العدو بعدد غفير، فلا نبيع أنفسنا رخيصة. ولا نطلق ما لدينا من طلقات على واحد أو اثنين من العدو. (222)
الأسر
«لقد أحاطتني أوضاع مخيفة جداً في تلك الحرب العالمية، حتى تمزقت المسودة الأولى لإشارات الإعجاز بيد العدو حيث أصابتني أربع قذائف دفعة واحدة، وجُرحت في إحداها، وانكسرت ساقي، فبقيت في الماء والطين أربعاً وثلاثين ساعة منتظراً الموت، ومحاصراً من قبل العدو. فهذا الوقت يعدّ أحلك أوقاتي اليائسة وأشدها رهبة». (223)
وإنها لعناية إلهية أن الجنود الروس لم يعثروا عليهم رغم البحث المستديم ورغم أنهم
Yükleniyor...