ثم تكلم بإسهاب عن موضوعات إيمانية، وعن كيفية القيام بخدمة الإيمان، وعندما أردت المغادرة قام ليودعني فقبلت يده وودعته.

ولما رجعت إلى مصر، زرت الشيخ مصطفى صبري، وكان طريح الفراش، وقد أنهكه المرض وأدركته الشيخوخة، حدثته عما دار بيني وبين الأستاذ النورسي في تركيا، فاستمع لي جيداً. ثم قال: «حقاً إن الأستاذ النورسي هو المحق. نعم، إن ما قاله صدق وصواب، فقد وفقه الله في مسعاه، أما نحن، فقد أخطأنا، حيث ثبت هو في البلاد ونحن غادرناها».

وهكذا استصوب مصطفى صبري عمل بديع الزمان وقوله.

كرامة الحقائق الإيمانية

لقد بدأتُ أفهم سبب حدوث كرامات لبديع الزمان من خلال الحوادث التي مرت.

فالسبب الأول هو أن بديع الزمان كان خادماً للإسلام وفي ظروف صعبة وعصيبة جداً وتحت شروط صارمة لا تسمح لخدمة الإسلام، بل يمكن القول إنها ظروف يستحيل فيها العمل للإسلام. ولكي تستمر وتدوم هذه الخدمة فقد اقتضت الحكمة الإلهية أن تظهر على يده هذه الكرامات.

أما السبب الثاني فهو أنّ تعلّم الإسلام في تركيا أصبح غير ممكن أو مستحيلاً «طوال ربع قرن اعتباراً من العشرينات إلى سنة ١٩٥٠». وعدم التعلم هذا يؤدي حتماً إلى انعدام الحياة المعنوية. فحقاً إن أهل الضلالة في تلك الظروف كانوا يحقرون ويستهينون بالإسلام والمسلمين. فشخصية كبديع الزمان وهو يعاني الغربة والشيخوخة والفقر إن لم تكن له كرامات فمن ذا يرتبط به ولماذا؟

لذا ترى الأشخاص الذين ارتبطوا به برباط وثيق في بداية الأمر هم في الأغلب قد جذبتهم هذه الكرامات التي ساقها الله على يده. فلذلك ترى أن قسماً من طلاب النور قد تركوا بيوتهم وأعمالهم، وأخذوا على عاتقهم حفظ الإيمان ثقة ببديع الزمان وما يقوم به من أعمال من دون أن يهتموا ماذا سيصبح بمصيرهم، فذهبوا معه إلى المحاكم وإلى السجون دون أن يعلموا لماذا، وكيف، وأين؟..


Yükleniyor...