وعلاوة على ذلك فإنه بكتابته الرسائل التي هي بمثابة أربعة أنواع من عبادة مقبولة يكسبها بأربعة وجوه.. إذ يقوي إيمانه.. ويسعى لإنقاذ إيمان غيره من المهالك.. وينال التفكر الإيماني الذي يكون بمثابة عبادة سنة أحياناً كما ورد في الأثر ويدفع غيره إلى هذا التفكر.. ويشترك في حسنات أستاذه الذي لا يجيد الخط ويقاسي من الأوضاع الشديدة ما يقاسي بمعاونته له.. نعم، يستطيع أن يكسب أمثال هذه الفوائد الجليلة». (188)

صداقة الأبطال

«أخي فيضي!(∗) إن كنت ترغب أن تكون مثيل أبطال ولاية إسبارطة، فعليك أن تشبههم وتكون مثلهم تماماً. فلقد كان معنا في السجن (189) شيخ عظيم ومرشد مرموق ذو جاذبية من أولياء الطريقة النقشبندية -رحمه الله- جالَسَ ما يقرب من ستين من طلاب النور طوال أربعة أشهر وحاورهم محاورات مغرية لجلبهم إلى الطريقة، إلّا أنه لم يتمكن إلّا من ضم واحدٍ منهم إلى صفه، وبصورة مؤقتة. أما الباقون فقد ظلوا مستغنين عنه وهو الولي الصالح، إذ كفتهم الخدمة الإيمانية الرفيعة التي تقدمها رسائل النور، واطمأنوا بها. ولقد فقه أولئك الأبطال بقلوبهم الواعية ورأوا ببصيرتهم النافذة الحقيقة الآتية:

إن خدمة رسائل النور هي إنقاذ الإيمان، أما الطريقة والمشيخة فهي تكسب المرء مراتب الولاية. وإن إنقاذ إيمان شخص من الضلال أهم بكثير وأجزل ثواباً من رفع عشرة من المؤمنين إلى مرتبة الولاية؛ حيث إن الإيمان بمنحه للإنسان السعادة الأبدية يضمن له ملكاً أوسع من الأرض كلها. أما الولاية فإنها توسّع من جنة المؤمن وتجعلها أسطع وأبهر. وكما أن رفع مرتبة إنسان اعتيادي إلى سلطان، أعظم من رفع عشرة من الجنود إلى مرتبة القائد، كذلك الثواب في إنقاذ إيمان إنسان من الضلالة أعظم وأجزل من رفع عشرة من الناس إلى مرتبة أولياء صالحين. فهذا السر الدقيق هو الذي أبصرته القلوب النفاذّة لإخوانك في إسبارطة، وإن لم تره عقول قسم منهم. ولهذا فضّلوا صداقة شخص ضعيف مذنب مثلي، على صداقة أولياء عظام بل على مجتهدين إن وجدوا.

فبناء على هذه الحقيقة لو أن قطباً من أقطاب الأولياء أو شيخاً جليلاً كالكيلاني، أتى إلى


Yükleniyor...