الفصل التاسع

في سجن أفيون

(المدرسة اليوسفية الثالثة)

٢٨/ ١/ ١٩٤٨-٢٠/ ٩/ ١٩٤٩

إثارة التهم مرة أخرى

«لم يتمكن أعداء رسائل النور المتسترون أن يتحملوا تلك الفتوحات النورية، فنبهوا المسؤولين في الدولة ضدنا وأثاروهم علينا، فأصبحت الحياة -مرة أخرى- ثقيلة مضجرة، إلّا أن العناية الإلهية تجلت على حين غرة، حيث إن المسؤولين أنفسهم -وهم أحوج الناس إلى رسائل النور- بدؤوا فعلاً بقراءة الرسائل المصادرة بشوق واهتمام، وذلك بحكم وظيفتهم. واستطاعت تلك الرسائل بفضل الله أن تليّن قلوبَهم وتجعلها تجنح إلى جانبها. فتوسعت بذلك دائرة مدارس النور، حيث إنهم بدؤوا بتقديرها والإعجاب بها بدلاً من جرحها ونقدها. فأكسبتنا هذه النتيجة منافع جمة، إذ هي خيرٌ مائةَ مرة ممّا نحن فيه من الأضرار المادية، وأذهبت ما نعانيه من اضطراب وقلق. ولكن ما إن مرّت فترة وجيزة، حتى حوّل المنافقون -وهم الأعداء المتسترون- نظر الحكومة إلى شخصي أنا، ونبّهوا أذهانها إلى حياتي السياسية السابقة، فأثاروا الأوهام والشكوك، وبثوا المخاوف من حولي في صفوف دوائر العدل والمعارف (التربية) والأمن ووزارة الداخلية. ومما وسّع تلك المخاوف لديهم ما يجري من المشاحنات بين الأحزاب السياسية، وما أثاره الفوضويون والإرهابيون -وهم واجهة الشيوعيين- حتى إن الحكومة قامت إثر ذلك بحملة توقيف وتضييق شديد علينا، وبمصادرة ما تمكنت من الحصول عليه من الرسائل، فتوقف نشاط طلاب النور وفعالياتهم.

وبالرغم من أن بعض الموظفين المسؤولين أشاعوا دعايات مغرضة عجيبة لجرح شخصيتي وذمّها -مما لا يمكن أن يصدّقها أحد- إلّا أنهم باؤوا بالإخفاق الذريع، فلم

Yükleniyor...