, الرحيل (352)>

في ١٩/ ٣/ ١٩٦٠ يوم السبت وصل الأستاذ إلى إسبارطة وكان الوقت بعد صلاة العصر وقبلها جاء الشرطي ليستفسر عنه قائلاً: إن الأستاذ قد غادر أميرداغ.

قلنا لهم: لم يأت إلينا!

وفعلاً بعد مضي ساعة واحدة أتى الأستاذ بالسيارة، وما إن سمعنا تنبيه السيارة حتى نزلنا وفتحنا الكراج، ودخلت السيارة ثم قفلنا الأبواب.

كان الأستاذ متمدداً على ظهره في المقعد الخلفي للسيارة والمرض قد اشتد عليه. أخذناه بأحضاننا لنخرجه من السيارة. وعندما صعدنا السلم أردنا أن نحمله على ظهورنا، فلم يقبل. فأدخلنا -أنا والأخ طاهري- أيدينا تحت إبطيه حتى أوصلناه إلى الغرفة، وأجلسناه مكانه ثم تمدد في فراشه. كانت درجة حرارته عالية جداً، لذا لم نفارقه قط، حتى إننا كنا نصلي فرادى كي نتناوب البقاء معه للرعاية والسهر عليه.

كنا نحن الأربعة «أنا وزبير(∗) وحسني وطاهري» عند الأستاذ. وفي منتصف الليل كنت أنا مع الأخ زبير نتناوب الخفارة عنده. فيرخى أحدنا يده ويدلكها والآخر يدلك رجليه. فنظر الأستاذ اليّ قائلاً: سنذهب.

قلت: نعم، سنذهب يا أستاذي، ولكن إلى أين؟.

قال: إلى «أورفة»... إلى «دياربكر»...

وكرر قوله: سنذهب.

ولما قلت: إلى أين يا أستاذي؟

قال: إلى «أورفة».

قال الأخ زبير: ربما يقول هذا تحت وطأة الحمى التي تنتابه!

وفي حوالي الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل بدأ الأستاذ يكرر القول نفسه: «سنذهب في الصباح الباكر إلى أورفة».


Yükleniyor...