فتلك الجماعة المباركة.. يتشابهون في الشوق إلى العمل والسعي فيه والغيرة على الخدمة والجدية فيها، إذ إن نشرهم الأسرار القرآنية والأنوار الإيمانية إلى الأقطار وإبلاغها جميع الجهات، وقيامهم بالعمل دون فتور، وبشوق دائم وهمة عالية، في هذا الزمان العصيب (حيث الحروف قد تبدلت ولا توجد مطبعة، والناس بحاجة إلى الأنوار الإيمانية) فضلاً عن العوائق الكثيرة التي تعرقل العمل وتولد الفتور، وتهوّن الشوق.. أقول إن خدمتهم هذه كرامة قرآنية واضحة وعناية إلهية ظاهرة ليس إلّا.

نعم، فكما أن للولاية كرامة، فإن للنية الخالصة كرامة أيضاً، وللإخلاص كرامة أيضاً، ولاسيما الترابط الوثيق والتساند المتين بين الإخوان ضمن دائرة أخوة خالصة لله، تكون له كرامات كثيرة، حتى إن الشخص المعنوي لمثل هذه الجماعة يمكن أن يكون في حكم ولي كامل يحظى بالعنايات الإلهية». (154)

الشعور الذي ينجز الخدمات

«سأبين لكم دستوراً في الأخوّة عليكم الأخذ به بجد:

إن الحياة نتيجة الوحدة والاتحاد، فإذا ذهب الاتحاد المندمج الممتزج، فالحياة المعنوية تذهب أيضاً أدراج الرياح. فالآية الكريمة: ﹛﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ ر۪يحُكُمْ﴾|﹜ (الأنفال: ٤٦) تشير إلى أن التساند والترابط إذا اختل تفقد الجماعة مذاقها.

إنكم تعلمون أن ثلاث ألفات إذا كتبت منفردة متفرقة فقيمتها ثلاث، ولكن إذا اجتمعت بالتساند العددي فقيمتها مائة وأحد عشر. وهكذا فإن بضعة أشخاص من أمثالكم من خدّام الحق إذا عمل كل منهم على انفراد من دون اعتبار لتقسيم الأعمال فإن قوتهم تكون بقوة ثلاثة أو أربعة أشخاص، بينما إذا ما عملوا متساندين بأخوّة حقيقية، مفتخراً كل منهم بفضائل الآخرين، حتى يبلغوا بسر الفناء في الأخوة أن يكون أحدهم هو الآخر بنفسه، أقول: إنهم إذا ما عملوا هكذا فإن قيمة أولئك الأشخاص الأربعة تكون بمثابة أربعمائة شخص.

إنكم يا إخوتي بمثابة مولدات الكهرباء التي تمدّ الضوء إلى بلد عظيم وليس إلى إسبارطة وحدها، فدواليب المَكِنَة مضطرة إلى التعاون فيما بينها. فإن كلاً من تلك الدواليب


Yükleniyor...