سنة ١٨٩٧م/ ١٣١٤ه

جهوده في المصالحة بين العشائر

لما لم يكن في مدينة «وان» عالم معروف دعاه الوالي «حسن باشا» إليها فذهب إليها واستقر فيها خمس عشرة سنة، قضاها في التجوال بين العشائر لإرشادهم وفي تدريس الطلاب، فضلاً عن تكوين علاقات مع الوالي والموظفين في المدينة. كان جلّ اهتمامه في هذه الفترة المصالحة بين العشائر؛ فما كان يطرق سمعه نزاع بين العشائر إلّا ويتوجه إليهم ويرشدهم، حتى إنه استطاع إجراء الصلح بين «شكر آغا» و«مصطفى باشا» رئيس عشيرة ميران بينما أخفقت الإدارة العثمانية من فض النزاع بينهما. وعندها خاطب الملا سعيد مصطفى باشا:

- ألم تتب إلى الآن؟

- «سَيْدَا» إنني طوع كلامك!

وقدّم له فرساً مع كمية من النقود إلّا أن الملا سعيد رفض ذلك قائلاً: «ألم تسمع أنني لم آخذ مالاً من أحد لحد الآن؟ فكيف آخذه من أمثالك من الظالمين! يبدو أنكم قد أفسدتم توبتكم! وعلى هذا لا تصل إلى الجزيرة بسلامة». وفعلاً مات مصطفى باشا في الطريق لم يصل إلى الجزيرة. وكأن دعاءه عليه قد استجيب. (74)

اطلاعه على العلوم الحديثة في «وان»

وقد اقتنع يقيناً ان أسلوب علم الكلام القديم قاصر عن ردّ الشبهات والشكوك الواردة حول الدين، فينبغي استحصال العلوم الحديثة أيضاً.

وقد حقق تشخيصه الداء هذا -وهو الشاب اليافع- تهيئةَ الأجواء للخدمة القرآنية العظيمة والعمل الإسلامي الجليل في المستقبل، إذ وفقه سبحانه وتعالى بعد حوالي ثلاثين سنة لتأليف رسائل النور التي تجدد في علم الكلام.

فطفق يطالع كتب العلوم الحديثة حتى استحصل على أسسها من تاريخ وجغرافية ورياضيات وجيولوجيا وفيزياء وكيمياء وفلك وفلسفة وأمثالها من العلوم. وذلك خلال


Yükleniyor...