هكذا تقتضي خدمة الإيمان (267)

«أخي الصدّيق العزيز وصديقي الحميم الشهم في هذه الدنيا الفانية.

أولاً: أشكركم جزيل الشكر على سبقكم جميع أصدقائي وأهل مدينة أرضروم، على علاقتكم المشحونة بالشفقة الخالصة، وسعيكم فكراً لمدّ يد العون لي في حياتي التي مضت بالعذاب والظلم. فلا أنسى فضلكم هذا إلى نهاية عمري، فألف ألف ما شاء الله بارك الله فيكم.

ثانياً: سأبيّن بعض ما يخص حالتي وتعذيب الظلمة لي، مخالفاً بذلك مسلكي وما تعلّمته من رسائل النور، ومنافياً لدستور حياتي، وهو عدم النظر -منذ عشر سنوات- إلى حوادث الدنيا العابرة التافهة. أبيّنه تطميناً لخاطرك واهتمامك الذي ذكرته في رسالتك الأخيرة ليس إلّا.

الأول: حينما كنت عضواً في «دار الحكمة الإسلامية» قبل ثلاثين سنة قال لي أحد أعضائها وهو السيد سعد الدين باشا: سمعت ممن أثق بكلامه أن منظمة للزندقة مدعومة من جهات أجنبية، قرؤوا كتاباً لك وقالوا: لا يمكننا نشر أفكارنا ما دام هذا الرجل حياً، ولذلك قرروا القضاء عليك. فجئت لأخبرك بالأمر فإنك عزيز عليّ.

فقلت: توكلت على الله، والأجلُ واحد لا يتغير ولا يتبدل.

فهذه المنظمة قد توسعت، واستعملت بحقي جميع حبائل المكر والخديعة منذ ثلاثين أو أربعين سنة فسببت دخولي السجن مرتين وتسميمي إحدى عشرة مرة. وآخر خطتهم هي استعمال نفوذ الحكومة الرسمية بتشديدها عليّ، وذلك بدفعهم وزير الداخلية السابق ومحافظ أفيون السابق ووكيل قائمقام أميرداغ السابق ليأخذوا جبهة متحدة ضدي. حتى إنهم بدؤوا ببث الأراجيف والشائعات المغرضة لمثلي وأنا العاجز الضعيف الكهل المنزوي الفقير الغريب المحتاج إلى من يعاونه ويخدمه، فبلغ الخوف لدى الناس مبلغاً -لشدة دعاياتهم- بحيث لا يجرؤ أحد من الموظفين أن يسلّم عليّ تجنباً من نقله إلى بلد آخر بمجرد وصول الإخبارية إليهم. لذا


Yükleniyor...