الفصل الأول

حالات متميزة

١- الانبساط والانقباض

«من أول صباوتي إلى الآن، تتفاوت حالي كأني أكون في حين على رأس المنارة، وفي وقت في قعر البئر.. وكم من حقائق هي أحبّتي ويعرفنني، تصير أجنبية أنكرها في آن.. ثم في حين آخر تجئ الحقيقة الدقيقة التي ما سمعت باسمها إلى يديّ بلا دعوة. وكم أكون أجهل من «باقل» (1) قد أظن نفسي في السياسة ك«سَحبان». (2)

نعم، ما حيلتي.. هكذا ترد السانحات إلى القلب.. فبينما أجدني كأنني أتكلم فوق منارة عالية، إذا بي -في أحيان أخرى- أنادي من قعر بئر عميق». (3)

٢- رفض الهدايا

«كنت أرفض قبول أموال الناس وهداياهم منذ نعومة أظفاري. فما كنت أتنازل لإظهار حاجتي للآخرين رغم أنني كنت فقير الحال وفي حاجة إلى المال، وما كنت زاهداً ولا صوفياً ولا صاحب رياضة روحية، فضلاً عن أنني ما كنت من ذوي الحسب والنسب والشهرة.

فإزاء هذه الحالة كنت أحار من أمري كما كان يحار من يعرفني من الأصدقاء. ولقد فهمت حكمتها قبل بضع سنين، أنها كانت لأجل عدم الرضوخ للطمع والمال، ولأجل الحيلولة دون مجيء اعتراض على رسائل النور في مجاهداتها، فقد أنعم عليّ الباري عز وجل تلك الحالة الروحية.. وإلّا لكان أعدائي الرهيبون ينزلون بي ضربتهم القاضية من تلك الناحية. (4)


Yükleniyor...