إن شرط الحفاظ على ما في دفاعي من قيمة، هو عدم هجر رسائل النور بمضايقات هذه الحادثة وأمثالها، وعدم استياء الأخ من أستاذه، وعدم النفور من إخوانه مما يسببه الضيق والضجر، وعدم تتبع عورات الآخرين وتقصيراتهم.

إنكم تذكرون ما أثبتناه في «رسالة القدر»: أن في الظلم النازل بالإنسان جهتين وحكمين.

الجهة الأولى: للإنسان. والأخرى: للقدر الإلهي

ففي الحادثة الواحدة يظلم الإنسان فيما يعدل القدر وهو العادل. فعلينا أن نفكر -في قضيتنا هذه- في عدالة القدر الإلهي والحكمة الإلهية أكثر مما نفكر في ظلم الإنسان.

نعم، إن القدر قد دعا طلاب النور إلى هذا المجلس. وإن حكمة ظهور الجهاد المعنوي قد ساقتهم إلى هذه المدرسة اليوسفية التي هي حقاً ضجرة وخانقة، فصار ظلم الإنسان وسيلة لذلك. ولهذا، إياكم أن يقول بعضكم لبعض: «لو لم أفعل كذا لما اعتُقلت»». (174)

في الشاشة المعنوية

«كنت في أحد أيام عيد الجمهورية جالسا أمام شباك سجن «أسكي شهر» الذي يطل على مدرسة إعدادية للبنات.. وكانت طالباتها اليافعات يلعبن ويرقصن في ساحة المدرسة وفنائها ببهجة وسرور، فتراءت لي فجأةً على شاشة معنوية ما يؤول إليه حالهن بعد خمسين سنة. فرأيت: أن نحواً من خمسين من مجموع ما يقارب الستين طالبة يتحولن إلى تراب ويعذَّبن في القبر، وأن عشرة منهن قد تحولن إلى عجائز دميمات بلغن السبعين والثمانين من العمر، شاهت وجوههن وتشوه حسنهن، يقاسين الآلام من نظرات التقزز والاستهجان من الذين كنّ يتوقعن منهم الإعجاب والحب، حيث لم يصنّ عفتهن أيام شبابهن!.. نعم، رأيت هذا بيقين قاطع، فبكيت على حالهن المؤلمة بكاء ساخناً أثار انتباه البعض من زملاء السجن، فأسرعوا إليّ مستفسرين.

فقلت لهم: «دعوني الآن وحالي... انصرفوا عني..». (175)


Yükleniyor...