فوقعتْ هذه الطامة الكبرى.. ففي أثناء أداء فريضة الجهاد كلما انتهزتُ فرصة في خط الحرب قيدتُ ما لاح لي في الأودية والجبال بعبارات متفاوتة باختلاف الحالات. فمع احتياجها إلى التصحيح والإصلاح لا يرضى قلبي بتغييرها وتبديلها؛ إذ ظهرتْ في حالة من خلوص النية لا توجد الآن، فأعرضها لأنظار أهل الكمال لا لأنه تفسير للتنزيل، بل ليصير -لو ظفر بالقبول- نوعَ مأخذٍ لبعض وجوه التفسير. وقد ساقني شوقي إلى ما هو فوق طوقي، فإن استحسنوه شجعوني على الدوام. ومن الله التوفيق». (217)

وقد أعجب بهذا التفسير القائد العام أنور باشا(∗) إعجاباً كبيراً إلى درجة أنه هرع إلى استقباله (218) بكل احترام -وهذا ما لم يفعله مع أحد- وقرر إعطاء الورق اللازم لطبع هذا الكتاب لكي تكون له حصة من شرف تلك الهدية ومن ثوابها، هدية الحرب، كما ذُكر جهاد مؤلف الكتاب في الحرب بكل خير وبكل تقدير... (219)

إنقاذ ما يمكن إنقاذه

وفي خضم تلك المعارك الدامية (220) استشهد ما يقارب العشرين من طلابه النجباء، أما طالبه الكاتب «ملا حبيب» فبعد أن أدّى واجباً عسكرياً مع «خليل باشا» في جبهة «وان» استشهد في «وسطان». (221)

وكان الفدائيون الأرمن يذبّحون أطفال المسلمين في عدد من المناطق وكان المسلمون يقابلونهم بالمثل في ذبح أطفال الأرمن. ولكن ما إن جُمع ألوف من أطفال الأرمن في المنطقة التي كانت تحت إمرة بديع الزمان حتى أمر الجنود: «لا تتعرضوا لهؤلاء الأطفال بشيء»، ثم أطلق سراحهم جميعاً دون أن يمس أحدهم بسوء، فعادوا إلى عوائلهم التي كانت خلف الخطوط الروسية. هذا السلوك كان درساً قيماً وعبرة للأرمن مما دفعهم إلى الإعجاب بأخلاق المسلمين.

وعلى إثر هذه الحادثة تخلى فدائيو الأرمن عن عادتهم في ذبح أطفال أهالي القرى التي


Yükleniyor...