[وفي هذه الأثناء كتب الكتاب الإسلاميون في الصحف والمجلات مقالات تبين أعمال الأستاذ النورسي ونشاط طلاب النور. ندرج أدناه مقالتين منها:] (343)

, بعد فراق طويل (344)>

§الأستاذ أشرف أديب>

لم ألتق الأستاذ منذ سبع وعشرين أو ثمان وعشرين سنة، حيث لم أجد فرصة من المشاغل، رغماً عن رغبتي الدائمة لزيارته ورؤيته وملء العين من محياه المبارك. لكن وجوده المعنوي لم يفارقني أبداً، لأنه يعيش في القلوب.

وحين اللقاء واحتضاني له ظهر مقدار الشوق المادي العظيم باللذة النابعة من مُحياه النوراني.

انقضت أربعون سنة على لقائي الأول بالأستاذ. في ذلك الزمان كنا نحضر يومياً في «إدارة المجلة» مع عاكف ونعيم وفريد والإزميرلي المحترمين، ونقضي معاً ساعات طيبة في أحاديث شتى. ويتحدث الأستاذ -بلهجته الخاصة- في المسائل العلمية الرفيعة، فنجد حرارة في أنفسنا من جلادة وحشمة أحاديثه. ذكاء فطري غير معتاد وموهبة إلهية. تظهر قدرة ذكائه وعظمته إزاء أشد المسائل تعقيداً. عقل دائم العمل والفكر. لا يشتغل بالنقل كثيراً، فمرشده القرآن، وهو نبع فيضه وذكائه. وهذه اللمع كلها تدفق من هذا النبع مباشرة. صاحب رأي سديد أشبه بمجتهد أو إمام، وقلبه مليء بإيمان راسخ أشبه بإيمان صحابي، وفي روحه شهامة كشهامة عمر. هو مؤمن أحيا عصر الرسالة السعيدة بين جوانحه في القرن العشرين، وجعل الإيمان والقرآن غاية له. إن غاية غايات الإسلام، أعني أساس «التوحيد» و«الإيمان بالله»، هي أعظم عمدته وعمدة رسائل النور. وأظنه لو كان في خير القرون وظهور الإسلام، فلعل الرسول (ص) كان يكلفه بمهمة تحطيم الأصنام في الكعبة. فقد كان عدواً للشرك وعبادة الأصنام أقصى درجات العداء.

Yükleniyor...