ولما لم تجد نفسي وشيطاني ثلمة أو نقصاً، سكتا. وأعتقد أن الحقيقة التي أسكتت نفسي وشيطاني الحساسين جداً والعاملين معاً، قادرة على حمل أشد الناس تمرداً على الصمت والسكوت أيضاً.
وما دمنا نعمل من أجل حقيقة هي من أهمّ الحقائق وأجلّها، وأشدها ثبوتاً ورسوخاً؛ ولا يمكن تقييمها أو تقديرها بأي قيمة مادية مهما كانت، ويهون بذل النفس والروح والصديق والحبيب، بل الدنيا بأسرها في سبيل تحققها، فلا بد إذن من أن نصمد بكمال المتانة والصبر تجاه جميع الويلات والمحن التي قد تنزل بنا، وأن نواجه بصدر رحب جميع مضايقات الأعداء. إذ من المحتمل جداً أن يُحرَّكَ ضدنا مشايخ أو علماء متظاهرون بالتقوى، مخدوعون بأنفسهم أو بتحريض غيرهم لهم.. وتجاه موقف كهذا، لا بد لنا من المحافظة على وحدتنا وتساندنا، وعدم تضييع الوقت معهم في الجدل والنقاش الفارغ». (255)
خاطرة أخيرة من دنيزلي
على الرغم من صدور قرار البراءة وإعادة الكتب المصادَرة من محكمة دنيزلي، (256) منع الأستاذ النورسي من السفر، لحين وصول الأمر من أنقرة فظل في هذه الفترة في فندق «شهر» ما يقرب من شهرين في دنيزلي وإخوتُه طلابُ النور سافر كلٌّ إلى بلده (257) «فكنت جالسا ذات يوم في الطابق العلوي من فندق شهر عقب إطلاق سراحنا من سجن دنيزلي أتأمل فيما حواليّ من أشجار الحَوَر (الصفصاف) الكثيرة في الحدائق الغناء والبساتين الجميلة، رأيتها جَذْلَى بحركاتها الراقصة الجذابة، تتمايل بجذوعها وأغصانها، وتهتز أوراقها بأدنى لمسة من نسيم، فبدت أمامي بأبهى صورة وأحلاها، وكأنها تسبح لله في حلقات ذكر وتهليل.
مسّت هذه الحركات اللطيفة أوتار قلبي المحزون من فراق إخواني، وأنا مغموم لانفرادي وبقائي وحيداً.. فخطر على البال -فجأة- موسمَا الخريف والشتاء وانتابتني غفلة،
وما دمنا نعمل من أجل حقيقة هي من أهمّ الحقائق وأجلّها، وأشدها ثبوتاً ورسوخاً؛ ولا يمكن تقييمها أو تقديرها بأي قيمة مادية مهما كانت، ويهون بذل النفس والروح والصديق والحبيب، بل الدنيا بأسرها في سبيل تحققها، فلا بد إذن من أن نصمد بكمال المتانة والصبر تجاه جميع الويلات والمحن التي قد تنزل بنا، وأن نواجه بصدر رحب جميع مضايقات الأعداء. إذ من المحتمل جداً أن يُحرَّكَ ضدنا مشايخ أو علماء متظاهرون بالتقوى، مخدوعون بأنفسهم أو بتحريض غيرهم لهم.. وتجاه موقف كهذا، لا بد لنا من المحافظة على وحدتنا وتساندنا، وعدم تضييع الوقت معهم في الجدل والنقاش الفارغ». (255)
خاطرة أخيرة من دنيزلي
على الرغم من صدور قرار البراءة وإعادة الكتب المصادَرة من محكمة دنيزلي، (256) منع الأستاذ النورسي من السفر، لحين وصول الأمر من أنقرة فظل في هذه الفترة في فندق «شهر» ما يقرب من شهرين في دنيزلي وإخوتُه طلابُ النور سافر كلٌّ إلى بلده (257) «فكنت جالسا ذات يوم في الطابق العلوي من فندق شهر عقب إطلاق سراحنا من سجن دنيزلي أتأمل فيما حواليّ من أشجار الحَوَر (الصفصاف) الكثيرة في الحدائق الغناء والبساتين الجميلة، رأيتها جَذْلَى بحركاتها الراقصة الجذابة، تتمايل بجذوعها وأغصانها، وتهتز أوراقها بأدنى لمسة من نسيم، فبدت أمامي بأبهى صورة وأحلاها، وكأنها تسبح لله في حلقات ذكر وتهليل.
مسّت هذه الحركات اللطيفة أوتار قلبي المحزون من فراق إخواني، وأنا مغموم لانفرادي وبقائي وحيداً.. فخطر على البال -فجأة- موسمَا الخريف والشتاء وانتابتني غفلة،
Yükleniyor...