وعندما كنت أنظر من نافذة السجن، إلى ضحكات البشرية المبكية، في مهرجان الليل البهيج، أنظر إليها من خلال عدسة التفكر في المستقبل والقلق عليه، انكشف أمام نظر خيالي هذا الوضع، الذي أبينه:
مثلما تشاهَد في السينما أوضاع الحياة لمن هم الآن راقدون في القبر، فكأنني شاهدت أمامي الجنائزَ المتحركة لمن سيكونون في المستقبل القريب من أصحاب القبور.. بكيت على أولئك الضاحكين الآن، فانتابني شعور بالوحشة والألم وراجعت عقلي، وسألت عن الحقيقة قائلاً: ما هذا الخيال؟ فقالت الحقيقة: إن خمسة من كل خمسين من هؤلاء البائسين الضاحكين الآن والذين يمرحون في نشوة وبهجة سيكونون كهولاً بعد خمسين عاماً، وقد انحنت منهم الظهور وناهز العمر السبعين. والخمسة والأربعين الباقين يُرمون في القبور.
فتلك الوجوه الملاح، وتلك الضحكات البهيجة، تنقلب إلى أضدادها. وحسب قاعدة «كل آتٍ قريب» فإن مشاهدة ما سيأتي كأنه آتٍ الآن تنطوي على حقيقة، فما شاهدته إذاً ليس خيالاً.
فما دامت ضحكات الدنيا المتسمة بالغفلة مؤقتة ومعرضة للزوال، وهي تستر مثل هذه الأحوال المؤلمة المبكية. فلا بد أن ما يسرّ قلب الإنسان البائس العاشق للخلود، ويفرح روحه الولهان بعشق البقاء، هو ذلك اللهو البريء والمتعة النزيهة وأفراح ومسرات تخلد بثوابه، ضمن نطاق الشرع، مع أداء الشكر باطمئنان القلب وحضوره بعيداً عن الغفلة. ولئلا تقوى الغفلة في النفوس في الأعياد، وتدفع الإنسان إلى الخروج عن دائرة الشرع، ورد في الأحاديث الشريفة ترغيب قوي وكثير في الشكر وذكر الله في تلك الأيام. وذلك لتنقلب نعم الفرح والسرور إلى شكر يديم تلك النعمة ويزيدها، إذ الشكر يزيد النعم ويزيل الغفلة. (176)
تأليف الشعاع الأول (177)
«في سجن «أسكي شهر» وفي وقت رهيب حيث كنا أحوج ما نكون إلى سلوان قدسي خطر على القلب ما يأتي:
مثلما تشاهَد في السينما أوضاع الحياة لمن هم الآن راقدون في القبر، فكأنني شاهدت أمامي الجنائزَ المتحركة لمن سيكونون في المستقبل القريب من أصحاب القبور.. بكيت على أولئك الضاحكين الآن، فانتابني شعور بالوحشة والألم وراجعت عقلي، وسألت عن الحقيقة قائلاً: ما هذا الخيال؟ فقالت الحقيقة: إن خمسة من كل خمسين من هؤلاء البائسين الضاحكين الآن والذين يمرحون في نشوة وبهجة سيكونون كهولاً بعد خمسين عاماً، وقد انحنت منهم الظهور وناهز العمر السبعين. والخمسة والأربعين الباقين يُرمون في القبور.
فتلك الوجوه الملاح، وتلك الضحكات البهيجة، تنقلب إلى أضدادها. وحسب قاعدة «كل آتٍ قريب» فإن مشاهدة ما سيأتي كأنه آتٍ الآن تنطوي على حقيقة، فما شاهدته إذاً ليس خيالاً.
فما دامت ضحكات الدنيا المتسمة بالغفلة مؤقتة ومعرضة للزوال، وهي تستر مثل هذه الأحوال المؤلمة المبكية. فلا بد أن ما يسرّ قلب الإنسان البائس العاشق للخلود، ويفرح روحه الولهان بعشق البقاء، هو ذلك اللهو البريء والمتعة النزيهة وأفراح ومسرات تخلد بثوابه، ضمن نطاق الشرع، مع أداء الشكر باطمئنان القلب وحضوره بعيداً عن الغفلة. ولئلا تقوى الغفلة في النفوس في الأعياد، وتدفع الإنسان إلى الخروج عن دائرة الشرع، ورد في الأحاديث الشريفة ترغيب قوي وكثير في الشكر وذكر الله في تلك الأيام. وذلك لتنقلب نعم الفرح والسرور إلى شكر يديم تلك النعمة ويزيدها، إذ الشكر يزيد النعم ويزيل الغفلة. (176)
تأليف الشعاع الأول (177)
«في سجن «أسكي شهر» وفي وقت رهيب حيث كنا أحوج ما نكون إلى سلوان قدسي خطر على القلب ما يأتي:
Yükleniyor...