ولما كان أخي المرحوم عالماً منصفا حقاً، فقد رضي بوجهة نظري وقبلها وقدرها». (46)
الرجولة المبكرة
«إن مناظرة «سعيد» في ذلك الزمن البعيد لعلماء أجلاء وهو بعدُ في فترة الصبا، وإجابته عن أسئلتهم الغامضة -من دون أن يسأل أحداً- إجابة صائبة رغم كونها في أعقد المسائل، هذه الحالة التي ظهرت، أعترف اعترافا قاطعا، وأعتقد جازماً أنها ليست ناشئة من حدة ذكائي، ولا من خارق استعدادي قط. فأنا الذي كنت صبياً صغيراً، مبتلىً بأمور كثيرة، مبتدِئاً بعد في العلوم، سارح الفكر، ومثيراً للمناقشات، فما كان في طوقي قطعا الإجابة على أسئلة علماء أفذاذ، بل كنت أُغلب في مناقشات صغار العلماء وصغار طلاب العلم، لذا فأنا على اقتناع تام بأن إجاباتي الصائبة تلك، ليست ناشئة من استعدادي ولا من ذكائي.
فلقد كنت طوال السنوات السبعين الماضية في حيرة من هذا الأمر، ولكن الآن -بفضل الله وإحسانه- فهمت حكمة منها وهي: أنه ستُمنح شجرةٌ طيبة لعلوم المدارس الدينية التي هي بمثابة بذرة العلوم وسيكون لخادم تلك الشجرة حسّاد ومعارضون كثيرون.
وهكذا فإن قيام أصحاب المشارب والمسالك المختلفة بين المسلمين في هذا الزمان بانتقاد عمل خدام تلك الشجرة (شجرةِ النور) ولاسيما من علماء الدين سواء بسبب المنافسة أو بسبب اختلاف المشارب، فضلا عما تثير رسائل النور كثيراً من عرق علماء الدين، كما كان دأب أهل السنة والمعتزلةِ سابقًا في دحض بعضهم بعضًا ونشرِ مؤلفاتٍ في تفنيد آراء الآخرين والظهور عليهم.. أقول بينما كان الأمر لا بد أن يؤول إلى هذا أراد الله سبحانه أن يجري الأمر على خلاف تلك العادة المتبعة منذ القدم. فألْفُ شكر وشكر لله سبحانه. وأنا على اعتقاد جازم أن سبب عدم تأليفهم أيّ كتاب لنقد رسائل النور أو الاعتراض عليها إنما هو: إجابةُ سعيد الصغير إجابة صائبة على علماء عظام، في ذلك الوقت. إذ تلك الإجابات السديدة قد فتّت من عضد شجاعتهم وجرأتهم، حتى إنهم لم يتصدوا لرسائل النور ولم يعارضوها رغم مخالفتهم لها مشرباً، ورغم ما يحملون من روح المنافسة والغيرة العلميتين.
لذا اقتنعتُ اقتناعا تاماً أن هذه هي حكمة واحدة لعدم قيام العلماء بالاعتراض على
الرجولة المبكرة
«إن مناظرة «سعيد» في ذلك الزمن البعيد لعلماء أجلاء وهو بعدُ في فترة الصبا، وإجابته عن أسئلتهم الغامضة -من دون أن يسأل أحداً- إجابة صائبة رغم كونها في أعقد المسائل، هذه الحالة التي ظهرت، أعترف اعترافا قاطعا، وأعتقد جازماً أنها ليست ناشئة من حدة ذكائي، ولا من خارق استعدادي قط. فأنا الذي كنت صبياً صغيراً، مبتلىً بأمور كثيرة، مبتدِئاً بعد في العلوم، سارح الفكر، ومثيراً للمناقشات، فما كان في طوقي قطعا الإجابة على أسئلة علماء أفذاذ، بل كنت أُغلب في مناقشات صغار العلماء وصغار طلاب العلم، لذا فأنا على اقتناع تام بأن إجاباتي الصائبة تلك، ليست ناشئة من استعدادي ولا من ذكائي.
فلقد كنت طوال السنوات السبعين الماضية في حيرة من هذا الأمر، ولكن الآن -بفضل الله وإحسانه- فهمت حكمة منها وهي: أنه ستُمنح شجرةٌ طيبة لعلوم المدارس الدينية التي هي بمثابة بذرة العلوم وسيكون لخادم تلك الشجرة حسّاد ومعارضون كثيرون.
وهكذا فإن قيام أصحاب المشارب والمسالك المختلفة بين المسلمين في هذا الزمان بانتقاد عمل خدام تلك الشجرة (شجرةِ النور) ولاسيما من علماء الدين سواء بسبب المنافسة أو بسبب اختلاف المشارب، فضلا عما تثير رسائل النور كثيراً من عرق علماء الدين، كما كان دأب أهل السنة والمعتزلةِ سابقًا في دحض بعضهم بعضًا ونشرِ مؤلفاتٍ في تفنيد آراء الآخرين والظهور عليهم.. أقول بينما كان الأمر لا بد أن يؤول إلى هذا أراد الله سبحانه أن يجري الأمر على خلاف تلك العادة المتبعة منذ القدم. فألْفُ شكر وشكر لله سبحانه. وأنا على اعتقاد جازم أن سبب عدم تأليفهم أيّ كتاب لنقد رسائل النور أو الاعتراض عليها إنما هو: إجابةُ سعيد الصغير إجابة صائبة على علماء عظام، في ذلك الوقت. إذ تلك الإجابات السديدة قد فتّت من عضد شجاعتهم وجرأتهم، حتى إنهم لم يتصدوا لرسائل النور ولم يعارضوها رغم مخالفتهم لها مشرباً، ورغم ما يحملون من روح المنافسة والغيرة العلميتين.
لذا اقتنعتُ اقتناعا تاماً أن هذه هي حكمة واحدة لعدم قيام العلماء بالاعتراض على
Yükleniyor...