بل خادماً للقرآن
يذكر أحد الطلاب: كنا جالسين مع الأستاذ ذات يوم، فقال: كان بعض الطلاب -في سجن أفيون- يبدون شيئاً من الضيق والضجر. وعندما كنت أرى منهم هذا الوضع أتألم وأحزن. فقلت يوماً: يا رب أليس لي بين هؤلاء طالب؟ (أي طالب مخلص لا يبدي تذمراً) ولم أكمل الدعاء بعد حتى قام «طاهري موطلو»(∗) قائلاً: نعم يا أستاذي!
فسررت لهذا الكلام سروراً بالغاً. وكان خير تسلية لي في حينه.
كان الأستاذ يطلق على الأخ طاهري ب«الرائد». وحقاً لقد كان يتصف بخصال وشمائل قلما تجدها في غيره، فقد كان يصوم الأشهر الثلاثة طوال ثلاثين سنة من عمره، ولم أر منه أن صلى الوتر بعد العشاء وإنما كان يقوم الليل ويصلي التهجد ثم يوتر. لقد كان كنز الدعوات لطلاب النور. وكان في طاعة تامة لأوامر الأستاذ ويطبقها بحذافيرها. لذا لم أسمع من الأستاذ أن قال لأحد من طلبة النور مثلما قاله للأخ طاهري، حين قال بحقه: «إن الأخ طاهري ولي من أولياء الله الصالحين، فعليه أن لا يعد نفسه أنه في الدنيا».
وفي أحد الأيام قال الأستاذ له: أتريد أن تعدّ نفسك في هذه الدنيا -أي تميل إليها قليلاً-؟ أم تريد أن تستخدم عاملاً وخادماً للقرآن الكريم؟ فأجاب: أستاذي الحبيب أرجوك.. بل خادماً للقرآن.
فقال الأستاذ ملتفتاً إلينا: بارك الله فيه، إنه حقاً ولي من الصالحين!
كان الأخ طاهري أكبرنا سناً، كما أنه أكثرنا عملا في سبيل القرآن؛ فما كانت تفوته كلمة أثناء قراءته القرآن الكريم أو أثناء تصحيحه الرسائل. ولقد ضحى بحياته كلها في سبيل خدمة القرآن. فإخلاصه الكامل في العمل كان يزيدنا نشاطاً وحيوية وشوقاً إلى خدمة الإيمان مهما كانت الظروف... كان رحمه الله مخلصاً لله. كل عمله كان لله. كنا نتخذه أباً معنوياً لنا لشدة شفقته علينا... لم يعرف التعب إليه سبيلاً ولم نره ملّ يوماً من العمل... رحمه الله رحمة واسعة. (80)
يذكر أحد الطلاب: كنا جالسين مع الأستاذ ذات يوم، فقال: كان بعض الطلاب -في سجن أفيون- يبدون شيئاً من الضيق والضجر. وعندما كنت أرى منهم هذا الوضع أتألم وأحزن. فقلت يوماً: يا رب أليس لي بين هؤلاء طالب؟ (أي طالب مخلص لا يبدي تذمراً) ولم أكمل الدعاء بعد حتى قام «طاهري موطلو»(∗) قائلاً: نعم يا أستاذي!
فسررت لهذا الكلام سروراً بالغاً. وكان خير تسلية لي في حينه.
كان الأستاذ يطلق على الأخ طاهري ب«الرائد». وحقاً لقد كان يتصف بخصال وشمائل قلما تجدها في غيره، فقد كان يصوم الأشهر الثلاثة طوال ثلاثين سنة من عمره، ولم أر منه أن صلى الوتر بعد العشاء وإنما كان يقوم الليل ويصلي التهجد ثم يوتر. لقد كان كنز الدعوات لطلاب النور. وكان في طاعة تامة لأوامر الأستاذ ويطبقها بحذافيرها. لذا لم أسمع من الأستاذ أن قال لأحد من طلبة النور مثلما قاله للأخ طاهري، حين قال بحقه: «إن الأخ طاهري ولي من أولياء الله الصالحين، فعليه أن لا يعد نفسه أنه في الدنيا».
وفي أحد الأيام قال الأستاذ له: أتريد أن تعدّ نفسك في هذه الدنيا -أي تميل إليها قليلاً-؟ أم تريد أن تستخدم عاملاً وخادماً للقرآن الكريم؟ فأجاب: أستاذي الحبيب أرجوك.. بل خادماً للقرآن.
فقال الأستاذ ملتفتاً إلينا: بارك الله فيه، إنه حقاً ولي من الصالحين!
كان الأخ طاهري أكبرنا سناً، كما أنه أكثرنا عملا في سبيل القرآن؛ فما كانت تفوته كلمة أثناء قراءته القرآن الكريم أو أثناء تصحيحه الرسائل. ولقد ضحى بحياته كلها في سبيل خدمة القرآن. فإخلاصه الكامل في العمل كان يزيدنا نشاطاً وحيوية وشوقاً إلى خدمة الإيمان مهما كانت الظروف... كان رحمه الله مخلصاً لله. كل عمله كان لله. كنا نتخذه أباً معنوياً لنا لشدة شفقته علينا... لم يعرف التعب إليه سبيلاً ولم نره ملّ يوماً من العمل... رحمه الله رحمة واسعة. (80)
Yükleniyor...