فغرروا بالحكومة ودوائر العدلية بوساطة قوانين مطاطة بغية تشتيتهم وكسر شوكتهم.. ألا حبطت أعمالهم! فلا ينالون شيئا منهم بإذن الله بل سيكونون وسيلة لزيادة عدد الأبطال المضحين للنور والإيمان». (320)

لا بد من الامتحان والتمحيص

«إخواني الأعزاء ذوي الشفقة والوفاء!

لقد اشتد عليّ منذ يومين أثر الرشحة (الزكام) سواء في رأسي وفي أعصابي. ففي مثل هذه الحالات أشعر بحاجة إلى الأُنس بالأصدقاء والتسلي بلقائهم، ولكن ضايقتني وحشة الانفراد والتجريد العجيب مضايقة شديدة، فورد إلى القلب شكوى على هذه الصورة.

لِمَ هذا التعذيب؟ وما فائدته لخدمتنا في سبيل القرآن والإيمان؟

وفجأة أُخطر للقلب صباح هذا اليوم، الآتي:

إن دخولكم هذا الامتحان القاسي، وتمييزكم الدقيق في المحك مرات عدة ليخلص الذهب عن النحاس، واختباركم من كل جانب وناحية بتجارب ظالمة لمعرفة مدى بقاء حظوظ نفوسكم الأمارة ودسائسها ومن ثم تمحيصكم بثلاث ممحصات، كان ضرورياً جداً لخدمتكم التي هي خالصة لوجه الحق والحقيقة، لذا سمح القدر الإلهي والعناية الربانية به، لأن الإعلان عن هذه الخدمة السامية، في ميدان امتحان كهذا، تجاه معارضين عنيدين ظَلَمة يتشبثون بأتفه حجة.. جعل الناس يفهمون أن هذه الخدمة القرآنية نابعة من الحق والحقيقة مباشرة، ولا تداخلها حيلة ولا خداع ولا أنانية ولا غرور، ولا غرض شخصي ولا منافع دنيوية وأخروية، إذ ما كان عوام المؤمنين يثقون بها لولا هذا الامتحان، حيث كان لسان حالهم يقول: ربما يقولون ليغرروا بنا ويخدعونا. ويرتاب خواص المؤمنين ويقولون: ربما يعملون هكذا وصولاً إلى مقامات معينة، وكسباً لثقة الناس بهم ونيلاً للإعجاب، كما يفعله بعض أهل المقامات المعنوية. وعندئذ لا يثقون بالخدمة. ولكن بعد الابتلاء، اضطر حتى أعتى عنيد مرتاب إلى التسليم بالأمر. لذا إن كانت مشقتكم واحدة فإن ربحكم ألف إن شاء الله». (321)


Yükleniyor...