والأصوات طوال عمره الذي ناهز الثمانين.. كل ذلك مجموعة في صحيفة تلك الحافظة. لذا يرى أن تلك الحافظة كأنها مكتبة ضخمة نسقت فيها المحفوظات منتظمة مرصوفة». (68)

«فكانت تلك الملَكة نعمة عظمى إذ لو كنت أجيد الكتابة، لما كانت المسائل تقر في القلب، فما من علم بدأت به سابقا إلّا وكنت أكتبه في روحي لحرماني من الكتابة الجيدة». (69)

درس أخير

وقد أشاع أحدهم ذات يوم قولاً: إن الشيخ محمداً الكفروي(∗) قد دعا بسوء على الملا سعيد. فما إن سمع هذا الخبر حتى انطلق إلى زيارة الشيخ الكفروي.. فتلقاه الشيخ بالترحاب وحضر الملا سعيد درساً له، كان هذا الدرس هو الدرس الأخير الذي تلقاه سعيد الشاب». (70) حيث ارتجل الشيخ الدرس ب«الحمد لله الذي قدّر مقادير الأشياء بقدرته، وصوّر تصاوير الأشكال بحكمته، والصلاة على محمد محيط مركز دائرة النبوة، وعلى آله حبيب كسوة الفتوة والمروة، ما دارت على سطوح الأفلاك والنجوم، وما سارت في روايا الغبراء الغيوم». (71)

«نعم، إن الدرس الأخير والأكثر بركة قد تلقيته من الشيخ محمد الكفروي قدس سره الذي أظهر شفقته وعطفه عليّ بما يفوق حدي بكثير». (72)

وفي إحدى الليالي يرى في ما يراه النائم أن الشيخ محمد الكفروي يخاطبه: «يا ملا سعيد تعال لزيارتي، فإني سأرحل». ويبادر إلى زيارته حالاً. ولكن يشاهد رحيل الشيخ طائراً من البيت. وينتبه من النوم، وينظر إلى الساعة فإذا هي السابعة -حسب التوقيت الغروبي- (أي منتصف الليل) ثم يعود إلى النوم ثانية. وفي الصباح يسمع نداء النعي يتصاعد من بيت الشيخ، فيذهب لاستقصاء الخبر فيعلم أنه قد توفي في الساعة السابعة مساءً ويرجع محزوناً مردداً ﹛﴿اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾|﹜ رحمة الله عليه... آمين. (73)


Yükleniyor...