عاد البلاء عطاء في عطاء، وصفاء في صفاء، ووفاء في بلاء.

دع الشكوى، واغنم الشكر كالبلابل؛ فالأزهار تبتسم من بهجة عاشقها البلبل.

فبغير اللّه دنياك آلام وعذاب، وفناء وزوال، وهباء في بلاء.

فتعال، توكل عليه في بلواك!

ما لكَ تصرخ من بلية صغيرة، وأنت مثقلٌ ببلايا تسع الدنيا.

تبسّم بالتوكل في وجه البلاء، ليبتسم البلاء.

فكلما تبسّم صغُر وتضاءل حتى يزول...» (112)

سلوان من القرآن بوفاة عبد الرحمن

«بينما كنت وحيداً بلا معين في بارلا تلك الناحية التابعة لمحافظة «إسبارطة» أعاني الأسر المعذّب المسمى بالنفي، ممنوعاً من الاختلاط بالناس، بل حتى من المراسلة مع أي كان، فوق ما كنت فيه من المرض والشيخوخة والغربة.. فبينما كنت أضطرب من هذه الحالة وأقاسي الحزن المرير إذا بنور مسلٍّ يشعّ من الأسرار اللطيفة للقرآن الكريم ومن نكاته الدقيقة، يتفضل الحق سبحانه به علىَّ برحمته الكاملة الواسعة، فكنت أعمل جاهداً بذلك النور لتناسي ما أنا فيه من الحالة المؤلمة المحزنة، حتى استطعت نسيان بلدتي وأحبتي وأقاربي.. ولكن -يا حسرتاه- لم أتمكن من نسيان واحد منهم أبداً وهو ابن أخي، بل ابني المعنوي، وتلميذي المخلص وصديقي الشجاع عبد الرحمن تغمده الله برحمته الذي فارقني قبل حوالي سبع سنوات، (113) ولا أعلم حاله كي أراسله وأتحدث معه ونتشارك في الآلام، ولا هو يعلم مكاني كي يسعى لخدمتي وتسليتي. نعم، لقد كنت في أمسّ الحاجة -ولاسيّما في الشيخوخة هذه- إلى من هو مثل عبد الرحمن.. ذلك الفدائي الصادق.. وذات يوم وفجأة سلمني أحدهم رسالة، ما إن فتحتها حتى تبيّن لي أنها رسالة تظهر شخصية عبدالرحمن تماماً وقد أدرج قسم من تلك الرسالة ضمن فقرات المكتوب السابع والعشرين بما يظهر ثلاث كرامات واضحة.

لقد أبكتني تلك الرسالة كثيراً ولا تزال تبكيني، حيث يبيّن فيها عبدالرحمن بكل صدق


Yükleniyor...