الخالقَ العظيم ب «الله أكبر» وكيف يعلّم التقديس ب «سبحان الله» وكيف يحبّب الله سبحانه إلينا بثناء «الحمد لله» .

وهكذا، فإن كل علم من العلوم العديدة جداً، يدل على خالق الكون ذي الجلال -قياساً على ما سبق- ويعرّفه لنا سبحانه بأسمائه الحسنى، ويعلّمه إيانا بصفاته الجليلة وكمالاته. وذلك بما يملك من مقاييس واسعة، ومرايا خاصة، وعيون حادة باصرة، ونظرات ذات عبرة.

فقلت لأولئك الطلبة الشباب: إنَّ حكمة تكرار القرآن الكريم من: ﹛﴿خَلَقَ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضَ﴾|﹜ و ﹛﴿رَبُّ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ﴾|﹜ إنما هي لأجل الإرشاد إلى هذه الحقيقة المذكورة، وتلقين هذا البرهان الباهر للتوحيد، ولأجل تعريفنا بخالقنا العظيم سبحانه.

فقالوا: شكراً لربنا الخالق بغير حدّ، على هذا الدرس الذي هو الحقيقة السامية عيُنها، فجزاك الله عنا خير الجزاء ورضي عنك..» (185)

سعاة بريد النور

بقي بديع الزمان في «قسطموني» ثماني سنوات استمر خلالها في مراسلة طلابه بشتى الوسائل متخطّياً العيون المترصدة لحركاته، إذ كانت رسائله تنقل سراً، ثم تستنسخ باليد ثم توزع على القرى والنواحي والمدن القريبة، فتشكلت بهذا «سعاة بريد النور» الذين كان واجبهم ينحصر في نقل الرسائل من قرية إلى قرية، ومن مدينة إلى مدينة، كما انتظمت وقويت مسألة استنساخ الرسائل، فهناك بعض الطَلبة الذين استنسخوا وحدهم أكثر من ألف رسالة، وبهذه الطريقة استُنسخت رسائل النور كتابة باليد ستمائة ألف نسخة، وانتشرت في أرجاء تركيا تدريجياً منتصرة على جيوش الظلام، ومعلنةً بأنه لا يمكن إطفاء نور الإسلام أبداً.

جمعت الرسائل التوجيهية التي تشمل نواحي دقيقة في فقه الدعوة إلى الله، ومسائل إيمانية دقيقة، تحت عنوان «ملحق قسطموني». (186)


Yükleniyor...