فقلت لأولئك الرؤساء الأثرياء: برغم أن نقودي قليلة جداً إلّا أنني أملك الاقتصاد، وقد تعودت على القناعة، فأنا أغنى منكم بكثير. فرفضتُ تكليفهم المتكرر الملح.. ومن الجدير بالملاحظة أن قسماً من أولئك الذين عرضوا عليّ زكاتهم قد غلبهم الدَّين بعد سنتين، لعدم التزامهم بالاقتصاد، إلّا أن تلك النقود الضئيلة قد كفتني -ولله الحمد- ببركة الاقتصاد إلى ما بعد سبع سنوات، فلم يُرق مني ماء الوجه، ولم يدفعني لعرض حاجتي إلى الناس، ولم يفسد عليّ ما اتخذته دستوراً لحياتي وهو «الاستغناء عن الناس»». (92)
[ويظل في هذه المدينة سبعة أشهر، ويؤلف في هذه الفترة رسالة «المدخل إلى النور» يذكر في مقدمتها:]
إن هذه الرسالة مناظرة بين سعيد القديم وسعيد الجديد، تضم بين دفتيها ثلاثة عشر درساً من الحقائق الإيمانية التي هي بمرتبة الشهود المسكتة للنفس الأمارة، فهي أقرب إلى علم اليقين، نبعت مباشرة من القرآن المعجز البيان. هذا وإن المخاطب في جميع تلك الدروس سعيد الجديد...
إلى «إسبارطة»
يقول الأستاذ: «حينما استولت عليَّ الرغبة في إنقاذ نفسي وإصلاح آخرتي، وفترتُ عن العمل للقرآن -مؤقتاً- جاءتني العقوبة بخلاف ما كنت أقصده وأتوقعه، أي نُفيتُ من «بوردور» إلى منفى آخر.. إلى إسبارطة. (93)
جئت إلى مدينة مباركة -قبل تسع سنوات- كان الموسم شتاءً فلم أتمكن من رؤية منابع الثروة وجوانب الإنتاج في تلك المدينة، قال لي مُفتيها رحمه الله: إن أهالينا فقراء مساكين. أعاد قوله هذا مراراً. أثّر فيّ هذا القول تأثيراً بالغاً مما أجاش عطفي، فبت أسترحم وأتألم لأهالي تلك المدينة فيما يقرب من ست سنوات. وبعد ثماني سنوات عدتُ إليها وهي في أجواء الصيف، وأجلت نظري في بساتينها فتذكرت قول المفتي رحمه الله فقلت متعجباً: «سبحان الله! إن محاصيل هذه البساتين وغلالها تفوق حاجة المدينة بأسرها كثيراً، وكان حرياً بأهاليها
[ويظل في هذه المدينة سبعة أشهر، ويؤلف في هذه الفترة رسالة «المدخل إلى النور» يذكر في مقدمتها:]
إن هذه الرسالة مناظرة بين سعيد القديم وسعيد الجديد، تضم بين دفتيها ثلاثة عشر درساً من الحقائق الإيمانية التي هي بمرتبة الشهود المسكتة للنفس الأمارة، فهي أقرب إلى علم اليقين، نبعت مباشرة من القرآن المعجز البيان. هذا وإن المخاطب في جميع تلك الدروس سعيد الجديد...
إلى «إسبارطة»
يقول الأستاذ: «حينما استولت عليَّ الرغبة في إنقاذ نفسي وإصلاح آخرتي، وفترتُ عن العمل للقرآن -مؤقتاً- جاءتني العقوبة بخلاف ما كنت أقصده وأتوقعه، أي نُفيتُ من «بوردور» إلى منفى آخر.. إلى إسبارطة. (93)
جئت إلى مدينة مباركة -قبل تسع سنوات- كان الموسم شتاءً فلم أتمكن من رؤية منابع الثروة وجوانب الإنتاج في تلك المدينة، قال لي مُفتيها رحمه الله: إن أهالينا فقراء مساكين. أعاد قوله هذا مراراً. أثّر فيّ هذا القول تأثيراً بالغاً مما أجاش عطفي، فبت أسترحم وأتألم لأهالي تلك المدينة فيما يقرب من ست سنوات. وبعد ثماني سنوات عدتُ إليها وهي في أجواء الصيف، وأجلت نظري في بساتينها فتذكرت قول المفتي رحمه الله فقلت متعجباً: «سبحان الله! إن محاصيل هذه البساتين وغلالها تفوق حاجة المدينة بأسرها كثيراً، وكان حرياً بأهاليها
Yükleniyor...