سادساً: إن الذين أحبوكم لله ويستوضحون منكم أموراً حول كتاباتكم القيمة وتقريراتكم في مجالسكم العلمية من مسائل متنوعة لم تُدرج كلها في الكلمات. مما تبين بقطعية تامة أن الحاجة لم تنته بعد، والخدمة الإيمانية لم تبلغ نهاية المطاف». (145)

السبيل إلى نشر «رسائل النور»

الاستنساخ اليدوي

كان تأليف رسائل النور ونشرها شيئاً متميزاً وفريداً في تاريخ الدعوة الإسلامية المعاصرة، ذلك لأن الأستاذ سعيد النورسي لم يكن يكتب كثيراً من رسائله بيده لكونه نصف أمّي -من حيث قدرته على الكتابة- وإنما كان يملي أغلب هذه الرسائل على بعض طلابه في حالات من الجيشان الروحي والوجداني، وبعد ذلك تتداول النسخة الأصلية بين الطلاب الذين يقومون بدورهم باستنساخها باليد، ثم ترجع هذه النسخ جميعها إليه، (146) لكي يقوم بتدقيقها واحدة واحدة، وتصحيح أخطاء الاستنساخ إن وجدت، ولم يكن لديه أية كتب أو مصادر يرجع إليها أثناء التأليف سوى القرآن الكريم، وقد ساعده على ذلك ما وهبه الله من ذاكرة خارقة وقدرة عجيبة على الحفظ.

بقيت رسائل النور عشرين سنة تنتشر بهذه الطريقة، وبعد ذلك طبعت لأول مرة ب«الرونيو» ولم يقدّر لها أن تطبع في المطابع الاعتيادية إلّا سنة ١٩٥٦م هذا باستثناء رسالة الحشر، التي طُبعتْ منها خفية في إسطنبول بوساطة أحد طلاب النور. (147)

كانت الحروف العربية قد بدّلت إلى حروف لاتينية، وحظر الطبع والنشر بها، وأغلقت مطابعها، فكانت هذه الطريقة «طريقة الاستنساخ» باليد سراً هي الطريقة الوحيدة والعملية لنشر مؤلفات رجل منفي ومراقب، قد سدت في وجهه جميع سبل التأليف والنشر، وخاصة وأنه كان يريد -بالإصرار على الكتابة بالحروف العربية- المحافظة عليها من الاندثار والنسيان. (148)


Yükleniyor...