إن السبب المهم الذي أدّى إلى تدني علوم المدارس الدينية، وصرفها عن مجراها الطبيعي هو أن العلوم الآلية لما أدرجت في عداد العلوم المقصودة، أصاب الإهمال العلوم العالية، إذ سيطر على الأذهان حلّ العبارة العربية التي لباسها (لفظها) في حكم معناها، وظل العلم الذي هو أصل القصد تبعياً. زد على ذلك، أن الكتب التي أصبحت في سلسلة التحصيل العلمي رسمية، وعباراتها متداولة إلى حد ما. هذه الكتب حصرت الأوقات والأفكار في نفسها ولم تفسح المجال للخروج منها». (17)

٢- إصلاح الولايات الشرقية

«كنت ألمس الوضع الرديء لما كان يعيشه أهالي الولايات الشرقية فأدركت أن سعادتنا الدنيوية ستحصل -من جهة- بالعلوم الحديثة الحاضرة، وأن أحد الروافد غير الآسنة لتلك العلوم سيكون العلماء، والمنبع الآخر سيكون حتماً المدارس الدينية، كي يأنس علماء الدين بالعلوم الحديثة.

وحيث إن زمام الأمر في تلك البقاع التي أغلبيتها الساحقة أُمّيون بيد علماء الدين، فهذا الشعور هو الذي دفعني إلى المجيء إلى إسطنبول. ظناً مني أن نلقى السعادة في «دار السعادة» في ذلك الوقت. (18)

[فقدّم إلى السلطان عبد الحميد العريضة الآتية لضرورة إنشاء مدرسة الزهراء في الولايات الشرقية: ]

على الرغم من أن الحكومة على علم بأحوال أهالي كردستان الذين يمثلون عنصراً مهماً في الأمة العثمانية، فإني أرجو السماح لي بتقديم بعض المطاليب الخاصة بالخدمة العلمية السامية.

إن في هذا العالم، عالم الرقيّ والحضارة، ينظر بعين الشكر والتقدير إلى أوامر الحكومة بإنشاء مدارس في قصبات كردستان وقراها، أسوة بالإخوة الآخرين وبجنب ما تنجزه من خدمات في مرافق أخرى. إلّا أن مدى الاستفادة من هذه المدارس ينحصر في الذين يعرفون


Yükleniyor...