كيف كان يقضي أوقاته؟

يقول أحد تلاميذه: على جوانب نبع «الزرنباد» الصافي القريب من جبل «أرَك» تتكاثف الأشجار وتلتف أغصانها وتتشابك، صنعنا للأستاذ ما يشبه منصة خشبية كي يجلس عليها فوق الشجر. أما نحن فكنا نجلس على الأرض تحت ظلال الأشجار.

كان الأستاذ لا يصرف وقته سدى قط، فلا أراه إلا قائماً يصلي أو داعياً متضرعاً أو مسبحاً ذاكراً أو متأملاً في ملكوت السماوات والأرض، فهو حتماً منشغل بشغل يهمه. وحينما يزوره الأصدقاء كان يكلمهم، ويأخذ معهم بأطراف الحديث، وأول ما يبادرهم بالسؤال: هل من مسجد في قريتكم؟ وأي درس يدرّسه أئمة المساجد؟ فإذا أجابه الزائر بأنه ليس لديهم مسجد ولا معلم يعلمهم كان يتألم كثيراً ويحزن، ويعجب من أمرهم كيف يعيشون في مكان ليس فيه مسجد ولا مرشد؟!

وكان يغضب كثيراً من الغيبة والكذب ولا يسمح -بأي حال- لأحد أن يغتاب أحداً عنده. (71)

لم يؤذ حتى النملة

بدأ الجو يبرد شيئاً فشيئاً حيث الشتاء مقبل ونحن لازلنا على جبل أرك، كنا نتوقع هطول أمطار غزيرة وتساقط الثلوج بكثرة وكان المكان الذي نبقى فيه هو على شكل ربوة أو مرتفع صغير، فأراد الأستاذ أن نبني غرفة. فبدأنا ببناء الغرفة على هذا المرتفع، وعندما حفرنا الأساس وجدنا مملكة للنمل، ولما رأى الأستاذ النمل أمرنا بالتوقف، فسألناه عن السبب، قال: هل يجوز بناء بيت بهدم بيت آخر؟ لا تخربوا بيوت هذه الحيوانات. احفروا في مكان آخر غيره.

فبدأنا نحفر في مكان آخر فوجدنا مملكة أخرى أيضاً للنمل، وحفرنا ثالثة فوجدنا الشيء نفسه. وهكذا تكررت العملية ثلاث مرات. فسألني أحد الطلاب الذي كان يساعدني في هذا العمل: هل سيستمر الأمر هكذا؟ علينا أن نحفر في مكان ما فإذا ظهر النمل واريناه


Yükleniyor...