لا تعب في الخدمة

لم يكن للأستاذ أي وقت فراغ طول حياته؛ فهو إما يقرأ أو يصحح أو يُقرأ له وهو يستمع.. كان في كلامه لطافة جمة وفيض كبير، إذ ما كنا لنتضايق ولا نملّ حتى لو طال الدرس من الصباح حتى المساء، وما كنا نضجر لو مشينا طريقاً طويلاً معه وابتلينا بمصاعب معه أو نال منا الجوع ما نال. وكلما شعرنا بضيق ننظر إلى وجهه الوضاح فترتاح نفوسنا وتنشرح صدورنا ونتحمس للعمل بشوق أكثر دون توقف ليلاً ونهاراً، رغم أننا قد لا ننام. فقد كنا نسهر الليالي الطوال من دون أن نشعر بالتعب لأجل الخدمة في نشر حقائق القرآن. (81)

لا حياة لنصف إنسان

عندما كان كتاب «تاريخ حياة الأستاذ» تحت الطبع، وصلت رسالة إلى الأستاذ يسأل فيها صاحبها عن جواز الصورة الفوتوغرافية، قرأنا الرسالة على الأستاذ فتبسم وطلب قلم رصاص وجئنا له بالقلم فمر بخط على عنق الصورة وقال معقباً: لا حياة لنصف إنسان. فابعثوا له بالجواب مقروناً بهذه الصورة بهذا الشكل.

وهناك حادثة شبيهة بهذه وهي أنه: بعدما أخلي سبيل الأستاذ من سجن «أفيون» أستأجر بيتاً وبقي الأخ زبير معه في خدمته وملازمته.

وفي أحد الأيام جاء الأخ طاهري من مدينة إسبارطة لزيارة الأستاذ فبات ليلة واحدة ضيفاً عند الأستاذ. فكان الأخ طاهري يخرج محفظته من جيبه كلما أراد أن يدخل الصلاة لاحتواء النقود على صورة إنسان. وفي الصباح الباكر وبعد أن ودع الأخ طاهري أستاذنا قصد محطة نقل المسافرين، وعندما همّ بقطع تذكرة السفر فطن أنه نسي محفظته في دار الأستاذ، وأسرع بالرجوع إلى دار الأستاذ واستأذن بالدخول وأتاه الأخ زبير بمحفظته فلمحه الأستاذ وقال له: «لا تكرر هذا مرة أخرى، فلا حياة لنصف إنسان!». (82)


Yükleniyor...