ذلك الضيق والسآمة والإرهاق. وقد تكرر ألف مرة، ومع ذلك لم يترك أي أثر للملل والتعب -الناتجين عن الانشغال طوال خمس أو ست ساعات من الليل- بقراءة سُدس ذلك الحزب قبيل الفجر. نعم، إن هذه الحال تدوم حتى الآن». (40)
مسلك العجز والفقر والشفقة والتفكر في مثال «الرشحة» (41)
«سنفرض أنفسنا نحن الثلاثة «الزهرة» و«القطرة» و«الرشحة». إذ لا يكفي ما افترضناه من شعور فيها، فنلحق بها عقولَنا أيضاً. أي أن ندرك أن تلك الثلاثة مثلما تستفيض من شمسها المادية، فنحن كذلك نستفيض من شمسنا المعنوية.
فأنت أيها الصديق الذي لا ينسى الدنيا ويوغل في الماديات وقد غلظتْ نفسُه وتكاثفت! كن «الزهرة». لأن استعدادك شبيه بها، إذ إن تلك الزهرة تأخذ لونا قد تحلل من ضياء الشمس وتمزج مثال الشمس من ذلك اللون، وتتلون به في صورة زاهية.
أما هذا الفيلسوف الذي درس في المدارس الحديثة، والمعتقد بالأسباب، والذي يشبهه «سعيد القديم»، فليكن «القطرة» العاشقة للقمر، الذي يمنحها ظل الضياء المستفاد من الشمس فيعطي عينَها نوراً فتتلألأ به... ولكن «القطرة» لا ترى بذلك النور إلا القمر، ولا تستطيع أن ترى به الشمس، بل يمكنها رؤية الشمس بإيمانها.
ثم إن هذا الفقير الذي يعتقد أن كل شئ منه تعالى مباشرة، ويعدّ الأسباب حجابا، ليكن هو «الرشحة»، فهي رشحة فقيرة في ذاتها، لا شئ لها كي تستند إليه وتعتمد عليه كالزهرة وليس لها لون كي تشاهد به، ولا تعرف أشياء أخرى كي تتوجه إليها. فلها صفاء خالص يخبئ مثال الشمس في بؤبؤ عينها...»
[وبعد الإيضاح يختم البحث بالآتي: ]
«وهذا صديقكم الثالث الشبيه ب«الرشحة» فقير، عديم اللون، يتبخر بسرعة بحرارة الشمس، يدع أنانيته ويمتطي البخارَ فيصعد إلى الجو، يلتهب ما فيه من مادة كثيفة بنار العشق، ينقلب بالضياء نوراً، يمسك بشعاع صادر من تجليات ذلك الضياء ويقترب منه.
مسلك العجز والفقر والشفقة والتفكر في مثال «الرشحة» (41)
«سنفرض أنفسنا نحن الثلاثة «الزهرة» و«القطرة» و«الرشحة». إذ لا يكفي ما افترضناه من شعور فيها، فنلحق بها عقولَنا أيضاً. أي أن ندرك أن تلك الثلاثة مثلما تستفيض من شمسها المادية، فنحن كذلك نستفيض من شمسنا المعنوية.
فأنت أيها الصديق الذي لا ينسى الدنيا ويوغل في الماديات وقد غلظتْ نفسُه وتكاثفت! كن «الزهرة». لأن استعدادك شبيه بها، إذ إن تلك الزهرة تأخذ لونا قد تحلل من ضياء الشمس وتمزج مثال الشمس من ذلك اللون، وتتلون به في صورة زاهية.
أما هذا الفيلسوف الذي درس في المدارس الحديثة، والمعتقد بالأسباب، والذي يشبهه «سعيد القديم»، فليكن «القطرة» العاشقة للقمر، الذي يمنحها ظل الضياء المستفاد من الشمس فيعطي عينَها نوراً فتتلألأ به... ولكن «القطرة» لا ترى بذلك النور إلا القمر، ولا تستطيع أن ترى به الشمس، بل يمكنها رؤية الشمس بإيمانها.
ثم إن هذا الفقير الذي يعتقد أن كل شئ منه تعالى مباشرة، ويعدّ الأسباب حجابا، ليكن هو «الرشحة»، فهي رشحة فقيرة في ذاتها، لا شئ لها كي تستند إليه وتعتمد عليه كالزهرة وليس لها لون كي تشاهد به، ولا تعرف أشياء أخرى كي تتوجه إليها. فلها صفاء خالص يخبئ مثال الشمس في بؤبؤ عينها...»
[وبعد الإيضاح يختم البحث بالآتي: ]
«وهذا صديقكم الثالث الشبيه ب«الرشحة» فقير، عديم اللون، يتبخر بسرعة بحرارة الشمس، يدع أنانيته ويمتطي البخارَ فيصعد إلى الجو، يلتهب ما فيه من مادة كثيفة بنار العشق، ينقلب بالضياء نوراً، يمسك بشعاع صادر من تجليات ذلك الضياء ويقترب منه.
Yükleniyor...