لن يرتكب هذا الفعل شخص يمثل الحكومة في مدينة مسلمة مثل بتليس! فذهب فوراً إلى مجلس الخمر، ووعظهم موعظة بليغة أولاً، واستهلها بحديث شريف حول الخمر، ثم أخذ ينهال عليهم بكلام جارح، وكانت يده على مسدسه يتوقع إشارة من الوالي للتعدي عليه. إلّا أن الوالي كان حليماً صبوراً لم ينبِس ببنت شفة.

وعندما انصرف الملا سعيد من المجلس قال له مرافق الوالي:

- ماذا فعلتم إن كلامكم هذا يوجب الإعدام.

- لم يرد على خاطري الإعدام، بل كنت أحسب العقاب سجناً أو نفياً.. وعلى كل حال.. ما ضرّ إن متّ في سبيل دفع منكر واحد!

وبعد ما يقرب من ساعتين من عودته من المجلس، أرسل إليه الوالي شرطيين لاستدعائه.. فدخل عليه واستقبله الوالي بإعظام وإجلال، وهمّ بتقبيل يده، وقال:

لكل أحد أستاذ قدوة، فأنت أستاذي القدوة. (62)

شفقة الوالدين

«عندما كانت تُنقل أخبار سيئة إلى والدي ووالدتي، كأن يقول أحدهم: إن ابنكم قد قُتل أو ضُرب أو سُجن، كان أبى يبتهج ويضحك كلما سمع مثل هذه الأخبار، ويقول: ما شاء الله... قد كبر إذن ابني حتى يُظهر بطولة أو عملاً عظيماً بحيث يتكلم عنه الناس. أما والدتي فكانت تبكي بكاءً مراً مقابل سرور والدي. ثم أظهر الزمان أن والدي كان محقاً في كثير من الأحيان». (63)

النظر الحرام

«مكثت سنتين في مضيف الوالي المرحوم «عمر باشا» في بتليس بناء على إصراره الشديد ولفرط احترامه للعلم والعلماء.. كان له من البنات ست؛ ثلاث منهن صغيرات وثلاث بالغات كبيرات.. ومع أني كنت أعيش معهم في سكن واحد طوال سنتين إلّا أنني لم أكن


Yükleniyor...