الإنسان كلياً بل كان يشير إلى ما يأمر به إشارة فحسب. فكان ينادي «زبير» مثلاً ويستشيره: «هل نعمل كذا وكذا يا زبير؟»

فالأخ زبير ما كان يعمل شيئاً ولا يكتب أية رسالة إلا بأمر الأستاذ واستشارته. فقد كانت حياته كلها موقوفة لرسائل النور، فيقوم برسائل النور ويجلس برسائل النور وينام برسائل النور وهو مع رسائل النور لا يفارقها ساعة.

لله دره من تلميذ مخلص متفان لا يجارى ولا يكاد يكون له مثيل في شرف هذه الخدمة العظيمة بين طلبة النور كلهم. (100)

جنود في الخدمة

عندما دخلت رسائل النور المطابع، وبدأت بالانتشار لم تكن ترى الأستاذ جالساً في مكانه قط بل كان في حركة دائبة وفي فعالية مستمرة ونشاط دائم، كان فرحاً سعيداً دائماً بل يكاد يطير من فرحه.

وكنا نذهب أحياناً مشياً على الأقدام أو بالسيارة إلى مناطق مختلفة كحدائق الزهور في إسبارطة، أو حدائق بارلا، أو حافات بحيرة أغريدر، أو المقبرة، وغيرها من الأماكن، فقد كانت هذه الأماكن تعدّ بمثابة منازل نور صغيرة، فكنا نجول فيها ثم نعود وقد امتلأت قلوبنا بأفراح ملء الدنيا من مباهج النور ومعاني الإيمان.

كان الأستاذ يركب فرساً وكان أحدنا يأخذ بزمام الفرس والثاني يمسك الأستاذ خشية سقوطه وذلك لكبر سنه والثالث يحمل سجادته وترمسه وإبريقه. هكذا كنا نسير مشياً على الأقدام إلى أن نقطع الطريق من أغريدر إلى بارلا. ومتى ما كان يرانا الأستاذ دون عمل، أو قاعدين بلا شغل يقول: «هيا.. تعالوا ليقرأ أحدكم الدرس، وليذهب الآخر إلى جلب الماء، وليعد الثالث الطعام».

هكذا كان يفعل دائماً فكنا جنوداً في معسكر الجهاد ولخدمة الإيمان من خلال رسائل النور. (101)

Yükleniyor...