في كردستان، حيث كانت أرزاق طلاب العلم تدفع من بيوت الأهلين وتسد مصاريفهم من أموال الزكاة. أقول إني على قناعة تامة الآن من أن حكمة هذا الأمر هي:
عدم جعل رسائل النور -التي هي خدمة سامية خالصة للإيمان والآخرة- في آخر أيامي وسيلة لمغانم الدنيا، وعدم جعلها ذريعة لجرّ المنافع الشخصية.
فلأجل هذه الحكمة أُعطيتْ لي هذه الحالة، حالة النفور من تلك العادة المقبولة وتلك السجية غير المضرة، والهروب منها، وعدم فتح يد المسألة من الناس. فرضيتُ بالعيش الكفاف وشدة الفقر والضنك. وذلك لئلا يفسد الإخلاص الحقيقي الذي هو القوة الحقيقية لرسائل النور.
وأشعر كذلك أن في هذا الأمر إشارة فيها مغزى، بأن هذه الحاجة هي التي ستدفع أهل العلم في الأزمان الآتية إلى الانهماك بهموم العيش حتى يُغلبوا على أمرهم. (31)
سنة ١٨٩١م/ ١٣٠٨ه
بشارة الرسول الكريم (ص)
ظل مدة في «نورشين» ثم انتقل إلى «خيزان» ثم ترك الحياة الدراسية وعاد إلى كنف والديه في قرية «نورس» وظل فيها حتى اخضرّ الربيع.
وفي هذه الأثناء رأى فيما يرى النائم: أن القيامة قد قامت، والكائنات بعثت من جديد. ففكر كيف يتمكن من زيارة الرسول الأعظم (ص)، ثم تذكر أن عليه الانتظار في بداية الصراط الذي يمرّ عليه كل فرد، فأسرع إليه.. وهكذا مرّ به جميع الأنبياء والرسل الكرام فزارهم واحداً واحداً وقبّل أيديهم وعندما حظي بزيارة الرسول الأعظم (ص) هوى على يديه فقبلهما ثم طلب منه العلم. فبشّره الرسول (ص): «سيوهب لك علم القرآن ما لم تسأل أحداً». (32)
فجّرت هذه الرؤيا شوقاً عظيماً فيه نحو طلب العلم. فاستأذن والده للذهاب إلى ناحية «أرواس» لتلقي العلم من الملا محمد أمين أفندي ولكن عندما أوصى الأخير أحد طلابه بتدريسه شعر سعيد الصغير بأنه قد ترفّع عن تدريسه فثقل عليه الأمر وحزّ في نفسه، حتى إنه
عدم جعل رسائل النور -التي هي خدمة سامية خالصة للإيمان والآخرة- في آخر أيامي وسيلة لمغانم الدنيا، وعدم جعلها ذريعة لجرّ المنافع الشخصية.
فلأجل هذه الحكمة أُعطيتْ لي هذه الحالة، حالة النفور من تلك العادة المقبولة وتلك السجية غير المضرة، والهروب منها، وعدم فتح يد المسألة من الناس. فرضيتُ بالعيش الكفاف وشدة الفقر والضنك. وذلك لئلا يفسد الإخلاص الحقيقي الذي هو القوة الحقيقية لرسائل النور.
وأشعر كذلك أن في هذا الأمر إشارة فيها مغزى، بأن هذه الحاجة هي التي ستدفع أهل العلم في الأزمان الآتية إلى الانهماك بهموم العيش حتى يُغلبوا على أمرهم. (31)
سنة ١٨٩١م/ ١٣٠٨ه
بشارة الرسول الكريم (ص)
ظل مدة في «نورشين» ثم انتقل إلى «خيزان» ثم ترك الحياة الدراسية وعاد إلى كنف والديه في قرية «نورس» وظل فيها حتى اخضرّ الربيع.
وفي هذه الأثناء رأى فيما يرى النائم: أن القيامة قد قامت، والكائنات بعثت من جديد. ففكر كيف يتمكن من زيارة الرسول الأعظم (ص)، ثم تذكر أن عليه الانتظار في بداية الصراط الذي يمرّ عليه كل فرد، فأسرع إليه.. وهكذا مرّ به جميع الأنبياء والرسل الكرام فزارهم واحداً واحداً وقبّل أيديهم وعندما حظي بزيارة الرسول الأعظم (ص) هوى على يديه فقبلهما ثم طلب منه العلم. فبشّره الرسول (ص): «سيوهب لك علم القرآن ما لم تسأل أحداً». (32)
فجّرت هذه الرؤيا شوقاً عظيماً فيه نحو طلب العلم. فاستأذن والده للذهاب إلى ناحية «أرواس» لتلقي العلم من الملا محمد أمين أفندي ولكن عندما أوصى الأخير أحد طلابه بتدريسه شعر سعيد الصغير بأنه قد ترفّع عن تدريسه فثقل عليه الأمر وحزّ في نفسه، حتى إنه
Yükleniyor...