تأثير الرسائل القوي

«إنك يا أخي تسأل: لماذا نجد تأثيراً غيرَ اعتيادي فيما كتبتَه في «الكلمات» المستقاة من فيض القرآن الكريم، قلّما نجده في كتابات العارفين والمفسرين؛ فما يفعله سطرٌ واحد منها من التأثير يعادل تأثيرَ صحيفة كاملة من غيرها، وما تحمله صحيفة واحدة من قوة التأثير يعادل تأثير كتاب كامل آخر؟

فالجواب: -وهو جواب لطيف جميل، إذ لما كان الفضل في هذا التأثير يعود إلى إعجاز القرآن الكريم وليس إلى شخصي أنا، فسأقول الجوابَ بلا حرج- نعم، هو كذلك على الأغلب؛ لأن «الكلمات» تصديقٌ وليست تصوراً، (138) وإيمانٌ وليست تسليماً، (139) وتحقيق وليست تقليداً، (140) وشهادة وشهود وليست معرفة، (141) وإذعان وليست التزاماً، (142) وحقيقة وليست تصوفاً، وبرهان ضمن الدعوى وليست ادعاءً.

وحكمة هذا السر هي: أنَّ الأسسَ الإيمانية كانت رصينةً متينة في العصور السابقة، وكان الانقياد تاماً كاملاً، إذ كانت توضيحات العارفين في الأمور الفرعية مقبولة، وبياناتُهم كافية حتى لو لم يكن لديهم دليل. أما في الوقت الحاضر فقد مدّت الضلالةُ باسم العلم يدَها إلى أسس الإيمان وأركانه، فوهب لي الحكيم الرحيم، الذي يهب لكل صاحبِ داءٍ دواءه المناسب، وأنعم عليّ سبحانه شعلةً من «ضرب الأمثال» التي هي من أسطع معجزات القرآن وأوضحها، رحمةً منه جل وعلا لعجزي وضعفي وفقري واضطراري، لأُنير بها كتاباتي التي تخص خدمة القرآن الكريم. فله الحمد والمنة.

فبمنظار «ضرب الأمثال» قد أُظهرَتْ الحقائقُ البعيدة جداً أنها قريبةٌ جداً.

وبوحدة الموضوع في «ضرب الأمثال» قد جُمِّعَتْ أكثر المسائل تشتتاً وتفرقاً.


Yükleniyor...