دائمة وفوائد خالدة، قد بدّلت -هذه الفوائد- التألم لحالكم والبكاء عليكم النابع من العطف الشديد، إلى حالة تهنئة وتقدير لثباتكم، فقلت بدوري: «الحمد لله على كل حال سوى الكفر والضلال».

فإلى جانب هذه الفوائد التي تخصني، هناك فوائد تخصكم، وتخص إخوتَنا، وتخص رسائل النور، وشهرَنا المبارك، شهرَ رمضان، بحيث لو رفع الحجاب، لحملتكم تلك الفوائد على القول: «يارب لك الحمد والشكر، حقاً إن هذا البلاء النازل بنا عناية بحقنا». وأنا مطمئن من هذا ومقتنع به.

لا تعاتبوا -يا إخوتي- الذين أصبحوا السبب في وقوع الحادثة، إن هذه الخطة الرهيبة الواسعة قد حيكت منذ مدة مديدة، إلّا أنها جاءت مخففة معنىً وستزول بسرعة بإذن الله، فلا تتألموا بل استرشدوا بالآية الكريمة:

﹛﴿ وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَئًْا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾|﹜ (البقرة: ٢١٦)». (241)


أقل المشاق في سبيل أعظم غاية

«مع تهنئتي لكم بعيدكم السعيد مرة أخرى، أقول: لا تتأسفوا على عدم اللقاء فيما بيننا لقاءً ظاهرياً، فنحن في الحقيقة معاً دائماً. وستدوم هذه المعية في طريق الأبد بإذن الله. وإنني على قناعة من أن الأثوبة الأبدية التي تكسبونها في عملكم في سبيل الإيمان والفضائل والمزايا الروحية والمباهج القلبية التي تحصلون عليها تزيل الغموم والضجر الذي ينتابكم موقتاً في الوقت الحاضر.

نعم، إنه لم يحصل لحد الآن نظير ما حصل لطلاب النور بمعاناتهم أقل مشاق في سبيل أعظم عمل مقدس. نعم، إن الجنة غالية ليست رخيصة، وإن إنقاذ الإيمان من قبضة الكفر المطلق الذي يمحي الحياتَينِ معاً له أهميته البالغة في هذا الوقت، وحتى لو وقع شيء من المشاق فينبغي أن يجابَهَ بالشوق والشكر والصبر، إذ إن خالقنا الذي يستخدمنا في هذه الخدمة ويدفعنا إليها رحيم وحكيم. فعلينا إذن أن نستقبل كل مصيبة تنزل بنا بالرضا والسرور والالتجاء إلى رحمته تعالى والاطمئنان إلى حكمته». (242)

Yükleniyor...