وعندما بدأت حلقات الطلاب تتسع، بدأت الرسائل تصل إلى القرى والنواحي القريبة من بارلا فتتلقفها الأيدي سراً وتتدارسها، ويوصلونها حتى إلى المدن البعيدة، حيث بدأت تكتسب قلوباً جديدة وأرواحاً عطشى إلى الهداية والنورِ في تلك الظروف المحرقة والأحوال المظلمة الحالكة.

بدأت عشرات، ثم مئات، ثم آلاف من طلبة النور رجالاً ونساءً في الانكباب على استنساخ رسائل النور ساعات عديدة من الليل والنهار حتى إن بعضاً منهم قضى سبع سنين لم يغادر منزله وهو مكبّ على هذه المهمة. حتى كان في قرية «ساو» القريبة من إسبارطة ألف من مستنسخي الرسائل. (149)

النساء في طريق النور

وقد ساهمت النساء في هذه الحملة مساهمة فعّالة جديّة، فالفتيات اللآئي كنَّ يعرفن الكتابة ساهمن فيها بالاستنساخ، واللآئي يجهلنها كُنَّ يُقلّدنَ الكتابة تقليداً، أي يقمن بالكتابة على طريقة النقش والتصوير.

وقد أتت بعض النسوة إلى الأستاذ سعيد النورسي قائلات له:

يا أستاذنا.. إننا قررنا القيام بالأعمال اليومية لأزواجنا لعلهم يتفرغون كلياً لكتابة رسائل النور لنغنم ثواب المشاركة في الخدمة». (150)

فعندما كنت في بارلا، بداية تأليف رسائل النور، كانت السيدة زهراء رحمها الله زوجة الكاتب الأول الحافظ توفيق الشامي، تأتي بالحطب على ظهرها بدلاً عن زوجها، فكانت تقوم بأعمال زوجها كي يكتب الرسائل ويستنسخها. ونحن عرفانا بجميلها هذا نضمّها في دعواتنا بين المتوفين من طلاب النور الخواص وسنستمر على الدعاء لها. (151)

Yükleniyor...