محال- عشرون مليوناً من الناس في أثناء إرساء الحرية، فليكن ذلك فداءً، إذ نأخذ ثلاثمائة بدفع عشرين.

وا أسفى! إن العناصر والقوميات الموجودة عندنا مختلطة اختلاط أجزاء الهواء، ولم تمتزج امتزاج أجزاء الماء. وستمتزج تلك العناصر والقوميات بالإسلام الذي يفعل فعل التيار الكهربائي فيهم، وسيأتي بإذن الله مزاج العدالة المنصفة المتولدة من حرارة نور المعارف الإسلامية، فلتعش المشروطية المشروعة، ولتدم الحرية النيّرة المسترشدة بتربية حقيقة الشريعة. (130)

وأقول بلا فخر: «نحن المسلمين الحقيقيين ننخدع ولكن لا نخدع، ولا نتنزّل للخداع لأجل حياة دنيوية، لأننا نعلم «إنما الحيلة في ترك الحيل». ولكن لأنني قد عاهدت المشروطية الحقيقية المشروعة سأصفع الاستبداد إن قابلته في أي لباس كان، حتى لو كان لابساً ملابس المشروطية أو تقلّد اسمها. وفي اعتقادي أن أعداء المشروطية هم أولئك الذين يشوّهون صورتها بإظهارها مخالفة للشريعة وأنها ظالمة، فيكثرون بهذا أعداء الشورى أيضاً. علماً أن القاعدة هي: «لا تتبدل الحقائق بتبدل الأسماء»». (131)

لقاء مع مفتي الديار المصرية (∗)

«في السنة الأولى من عهد الحرية سأل الشيخ بخيت -مفتى الديار المصرية- سعيداً القديم:

ما تقول في حق هذه الحرية العثمانية والمدنية الأوروبائية؟

فأجابه سعيد: «إن الدولة العثمانية حاملة بدولة أوروبائية وستلدها يوماً ما، وإن أوروبا حاملة بالإسلام وستلده يوماً ما».

فقال له الشيخ الجليل: «وأنا أصدّق ما يقوله».

ثم قال لمن حوله من العلماء: «لا يُناظَر هذا الشاب، ولا أتمكن من غلبته».

فلقد شاهدنا الولادة الأولى، أنها سبقت أوروبا في بُعدها عن الدين بربع قرن.


Yükleniyor...