اعترض على أستاذه في إحدى الدروس قائلاً: «إنه ليس كذلك.. ياسيدى! ثم ذكّره بترفعه عن تدريسه».

وبعد مدة وجيزة قضاها في «أرواس» قصد مدرسة «مير حسن ولي»، ولما شاهد هناك عدم الاهتمام بالطلاب الجدد أيضاً ترك سبعةً من دروس الكتب المقررة وبدأ بالكتاب الثامن، ثم ذهب للاستجمام في قصبة وسطان (كَواش) لمدة شهر. ومن بعده توجّه برفقة صديقه «الملا محمد» نحو بايزيد وهي قضاء على الحدود الإيرانية تابعة لولاية «أغري». (33)

الدراسة الحقة

بدأت دراسته الحقة في «بايزيد»، إذ لم يكن قد قرأ حتى الآن سوى مبادئ النحو والصرف، وقد قرأ إلى «الإظهار». (34)

وفي ذلك الوقت لم يبد على سعيد ذكاء خارق أو قوة معنوية وحدها بل ظهرت عليه أيضاً حالة عجيبة كانت خارجة عن نطاق استعداده وقابلياته كلها، بحيث إنه بعد اطلاعه على مبادئ الصرف والنحو خلال سنة أو سنتين، ظهرت عليه الحالة العجيبة، فكأنه أكمل قراءة ما يقرب من خمسين كتابا خلال ثلاثة أشهر، وقد استوعبها وأُجيز عليها وتسلم الشهادة بإكمالها. (35)

«دامت هذه الدراسة الجادة والمكثفة ثلاثة أشهر على يد الشيخ محمد الجلالي» والغريب أنه أتم قراءة جميع الكتب المقررة للطلاب في شرقي الأناضول، ابتداءً من «ملا جامي»(∗) إذ كان يقرأ من كل كتاب درساً أو درسين وربما إلى عشرة دروس، من دون أن يتم الكتاب ثم يبدأ بغيره. وعندما استفسر منه أستاذه «الشيخ محمد الجلالي» عن سبب قيامه بهذا العمل -المخالف للعرف السائد- أجاب: «ليس في طوقي قراءة جميع هذه الكتب وفهمها، فهذه الكتب شبيهة بصندوق الجواهر، ومفتاحها لديكم. وكل ما أرجوه منكم إرشادي إلى ما يحتويه هذا الصندوق، أعني ماذا تبحث هذه الكتب، لكي أختار منها ما يوافق طبعي».


Yükleniyor...