أنجزت وظيفتك طوال حياتك الدراسية، فالإخلاص ليس في الكمية بل في النوعية، وهذه هي الخدمة القرآنية.. ثم حدثتْ أحداث لم يبق منهم فعلاً إلّا طالب واحد..!»

بعد هذا التقيت الأستاذ في إسبارطة وقال لي: «لا تعط الرسالة لأي شخص كان إلّا بعد معرفته معرفة جيدة، فكما لا يُعطَى الحصانُ اللحمَ فلا يُعطَى الأسدُ العشب. بل أعط الحصان العشب والأسد اللحم، فإن لم يطلب منك أحد رسائل النور عدة مرات فلا تعطها له، فنحن لسنا ببائعي كتب، بل نعطي الرسالة من يشعر بالحاجة الماسة إليها، والمتلهفَ لها».

هكذا كان الأستاذ ينبهنا دائماً على الأخذ بالحيطة والحذر في مثل هذه الأمور. (107)

الإيمان أولاً

يروي الأستاذ «علي أوزك»: (108) «عندما قدمت إلى إسطنبول من مصر وأنا مازلت طالباً في الأزهر الشريف، استفسرت عن الأستاذ النورسي، فوجدته ساكناً في منطقة «الفاتح» في بيت خشبيّ قديم، ولدى زيارتي له في غرفته رأيته متمدداً على فراشه -من المرض- سلمت عليه، فرد السلام، ولكن حينما أخبرته بأن الشيخ مصطفى صبري(∗) يخصك بالسلام، جلس معتدلاً وقال بتقدير وإكبار:

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وماذا يقول الأستاذ مصطفى صبري؟

- سيدي الأستاذ يسأل الشيخ مصطفى صبري عن عدد طلابكم!

- لي خمسمائة ألف طالب وخادم للقرآن الكريم!

- يقول الشيخ مصطفى صبري.. إذن ماذا ينتظر؟ ولماذا لا يبدأ بجهاد إسلامي مع هذا العدد من طلابه؟

- بلّغ سلامي له أولا، ثم قل له: «إن دعوتنا هي الإيمان، والجهاد يلي الإيمان، وإن زماننا هذا هو زمان خدمة الإيمان ووظيفتنا هي الإيمان وخدمتنا تنحصر في الإيمان..».


Yükleniyor...