فيا مثال الرشحة! ما دمت تؤدي وظيفة المرآة للشمس مباشرة، فكن أينما شئت من المراتب، فيمكنك أن تجد نافذة نظارة صافية تطل منها إلى عين الشمس بعين اليقين، فلا تعاني صعوبة في إسناد الآثار العجيبة للشمس إليها، إذ تستطيع أن تسند إليها أوصافها المهيبة بلا تردد، فلا يمكن أن يمسك يَدك ويكفّك شيءٌ قطعاً عن إسناد الآثار المذهلة لسلطنتها الذاتية إليها. فلا يحيرك ضيق البرازخ ولا قيد القابليات ولا صغر المرايا، ولا يسوقك إلى خلاف الحقيقة شئ من ذلك لأنك صاف وخالص تنظر إليها مباشرة، ولذلك فقد أدركت أن ما يشاهَد في المظاهر ويُرى في المرايا ليس شمساً، وإنما نوع من تجلياتها وضرب من انعكاساتها المتلونة، وأن تلك الانعكاسات إنما هي دلائل وعناوين لها فحسب، ولكن لا يمكنها أن تُظهر آثار هيبتها جميعاً.

ففي هذا التمثيل الممتزج بالحقيقة يُسلَك إلى الكمال بطرق ثلاثة مختلفة متنوعة، فهم يتباينون في مزايا تلك الكمالات وفي تفاصيل مرتبة الشهود، إلا أنهم يتفقون في النتيجة، وفي الإذعان للحق، وفي التصديق بالحقيقة». (42)

أقرب طريق إلى الله

«للوصول إلى الله سبحانه وتعالى طرائق كثيرة، وسبل عديدة. ومورد جميع الطرق الحقة ومنهل السبل الصائبة هو القرآن الكريم، إلّا أن بعض هذه الطرق أقرب من بعض وأسلم وأعم.

وقد استفدت من فيض القرآن الكريم -بالرغم من فهمي القاصر- طريقاً قصيراً وسبيلاً سوياً هو: طريق العجز، الفقر، الشفقة، التفكر.

نعم، إن العجز كالعشق طريق موصل إلى الله، بل أقرب وأسلم، إذ هو يوصل إلى المحبوبية بطريق العبودية. والفقر مثله يوصل إلى اسم الله «الرحمن». وكذلك الشفقة كالعشق موصل إلى الله إلا أنه أنفذ منه في السير وأوسع منه مدى، إذ هو يوصل إلى اسم الله «الرحيم». والتفكر أيضاً كالعشق إلا أنه أغنى منه وأسطع نوراً وأرحب سبيلاً، إذ هو يوصل السالك إلى اسم الله «الحكيم».


Yükleniyor...