ثم إن قصدي من البديع هو «العجيب» فلقد أصبحتُ مصداقاً لما قيل:

إليّ لَعَمْري قَصْدُ كُلِّ عَجيبَةٍ كَأني عَجيبٌ في عُيُون العَجَائب (77)

هذا وإن لقب «بديع الزمان» الذي مُنِحتُه مع عدم استحقاقي له، ليس لي وإنما هو اسم معنوي لرسائل النور، قد قُلّد مؤلفها الظاهر إعارة وأمانة. والآن أعيد ذلك الاسم الأمانة إلى صاحبه الحقيقي». (78)

«نعم، إن الأهمية كلها منحصرة في رسائل النور، المعجزة القرآنية، حتى إن ما كنت أحمله سابقاً من اسم «بديع الزمان» هو ملكها، وقد أُعيد إليها أيضاً. ولا جرم أن رسائل النور ملك القرآن ومعناه. (79) إذ قبل خمس وخمسين سنة شبّه أستاذي المرحوم «الملا فتح الله» (80) من سعرد، سعيداً القديم ببديع الزمان «الهمذاني»(∗) فأعطى اسم بديع الزمان له». (81)

سنة ١٨٩٩م/ ١٣١٦ه

انقلابه الفكري

إنه لجدير بالأهمية والتأمل، أن مؤلف رسائل النور قد حدث له انقلاب مهم في حوالي سنة ١٨٩٩م (١٣١٦ه) إذ كان يهتم بالعلوم المتنوعة إلى هذا التاريخ لأجل استيعاب العلوم والاستنارة بها. أما بعده فقد علم من الوالي المرحوم «طاهر باشا» أن أوروبا تحيك مؤامرة خبيثة حول القرآن الكريم، إذ سمع منه أن وزير المستعمرات البريطاني(∗) قد قال:

«ما دام هذا القرآن بيد المسلمين فلن نحكمهم حكماً حقيقياً، فلنسع إلى نزعه منهم». فثارت ثائرته واحتدّ وغضب.. وغيّر اهتمامه من جراء هذا الانقلاب الفكري فيه.. جاعلاً جميع العلوم المتنوعة المخزونة في ذهنه مدارج للوصول إلى إدراك معاني القرآن الكريم وإثبات حقائقه. ولم يعرف بعد ذلك سوى القرآن هدفاً لعلمه وغاية لحياته. وأصبحت المعجزة


Yükleniyor...