الرحال إلى طلبه في القرى المجاورة ل«نورس» حتى حطها في قرية تاغ عند مدرسة الملا محمد أمين أفندي إلّا أنه لم يتحمل المكوث فيها، فتركها.

فعاد إلى قريته «نورس» وهي المحرومة من كتّاب أو مدرسة لتلقي العلم، واكتفى بما يدرّسه له أخوه الكبير «الملا عبد الله» في أثناء زيارته الأسبوعية للعائلة.

وبعد مدة قصيرة ذهب إلى قرية برمس ومن بعدها إلى «مراعي شيخان» -أي شيخ تاغي- ثم إلى قرية نورشين وبعدها إلى قرية خيزان ولرفضه التحكم به تشاجر في قرية «برمس» مع أربعة من الطلاب، حيث اتفق هؤلاء الأربعة على مشاكسته باستمرار مما دفعه إلى المثول بين يدي الشيخ سيد نور محمد شاكياً إليه هؤلاء الأربعة قائلاً باعتزاز: «أيها الشيخ المحترم! أرجو أن تقول لهؤلاء ألّا يأتوا للشجار معي جميعاً فليأتوا مثنى مثنى!».

انشرح الشيخ سيد نور محمد من هذه الرجولة المبكرة في «سعيد الصغير» وقال ملاطفاً: «أنت تلميذي، لن يتعرض لك أحد».

وبعد هذه الحادثة أُطلق عليه «تلميذ الشيخ» فظل في هذه المدرسة مدة، ثم تركها ذاهباً مع أخيه الملا عبد الله إلى قرية «نورشين».

وكان يحق لكل عالم حصل على إجازة العالِمية أن يفتح كتّاباً «مدرسة» في القرية التي يرغب فيها حسبةً لله. وتقع مصاريف الطلاب عليه إن كان قادراً على ذلك، وإلّا فالأهلون يتداركونها من الزكاة والصدقات والتبرعات. بمعنى أن العالم عليه التدريس مجاناً والأهلون يتعهدون بدفع احتياجات الطلاب ولوازمهم. إلّا أن سعيداً الصغير كان ينفرد من بين الطلاب جميعهم في عدم أخذه الزكاة من أحد». (30)

الإباء والشمم

على الرغم من أن سعيداً القديم كان فقير الحال منذ أيام طفولته، كما أن والده كان فقير الحال كذلك، فإن عدم قبوله الصدقات والهدايا من الآخرين، بل عدم استطاعته قبولها إلا بمقابل، رغم حاجته الشديدة جدا، وعدم ذهاب «سعيد» قط في أي وقت من الأوقات لأخذ الأرزاق من الناس وعدم تسلمه الزكاة من أحد -عن علم- كما كانت العادة جارية


Yükleniyor...