بإيمانه ويمسّ كتابه المقدس القرآن الكريم مس سوء. إذ عندها ترون أن هذا البحر الساكن قد هاج وتلاطمت أمواجه وفار تنوره بطوفان يلقي الدهشة والحيرة ويستفرغ الفزع والهلع على سواحله، فهو بطل وجندي مغوار يحمي حدود الإيمان، أليس هو خادماً أميناً للقرآن الكريم يذود عنه بكل صدق. يوضح الأستاذ هذه الحقيقة بنفسه كما يلي: «كما لا ينبغي للجندي الخفير الرابض أن يترك سلاحه وإن أتاه القائد العام، وأنا أيضاً جندي من جند القرآن وخادم من خدامه، أصدع بالحق في وجه أعتى العتاة دون أن أطأطئ رأسي أمامه...»

∗ ∗ ∗


كنت أتمنى أن أخوض الجانب العلمي والفكري والصوفي والأدبي للأستاذ بديع الزمان قبل استهلالي الكتاب، ولكني أدركت قطعاً أن هذه الموضوعات الشاملة والعميقة في فحواها لا يمكن حصرها ضمن صفحات، لذا أكتفي بالإشارة إليها بعدة جمل:

علمه

يفيد الشاعر المرحوم «ضيا باشا» في بيت شعر له حقيقة عظمى تنتقل من جيل إلى جيل وهي:

العمل لا الأقوال مرآة الفرد والأثر هو مقياس رتبة الرجال

أجل، إن بديع الزمان سعيد النورسي الذي أتحف مكتبة العلم والإيمان «كليات رسائل النور» لشعبنا المسلم، والذي أسس مدرسة نورانية مقدسة في القلوب، شخصيةٌ فريدة ممتازة مستغنية عن البحث والإطناب في مقدرته العلمية، كما تستغني الشمس عن الوصف في رابعة النهار.

غير أنه كما يقول شاعر محروق الفؤاد: الحُسْنُ ما سلب الإرادة...!

إن الباحث عن حياة هذا العملاق وكماله وخُلقه وسجيته المحفوف بالنفحات الإلهية والمهلّ بالتجليات السبحانية في كل لحظة من لحظات حياته، يجد ذوقاً نزيهاً رفيعاً، وسكينة إلهية سامية. لذا يأخذ بالإسهاب في الكلام ويُسلب الاختيار عنه ولا يتمالك نفسه غير الانسياق وراءها.


Yükleniyor...