الأستاذ في مجالسه عند زياراته لكل من بارلا وأميرداغ وأسكي شهر وأغردير وإسبارطة وغيرها. نذكر من تلك الخواطر:

قال الأستاذ يوماً: «عندما كنت في «وان» خصص الوالي طاهر باشا غرفة لي في الطابق العلوي من مضيفه فكنت أبيت هناك وقد حفظت آنذاك ما يقرب من تسعين كتاباً في الحقائق، وكنت أعيد ما حفظته في ذاكرتي ثلاث ساعات يومياً فأكمله كل ثلاثة أشهر. فيا إخواني إني أشكر الله كثيراً على تكراري لتلك المحفوظات حيث أصبحتْ وسيلة للعروج إلى حقائق القرآن الكريم. ثم بلغت القرآن الكريم وشاهدت أن كل آية كريمة منه تحيط بالكون إحاطة تامة، وبعد ذلك أغناني القرآن عن غيره».

وقد ذكر الأستاذ في «اللمعة الثلاثين» ما يؤيد هذه الخاطرة من أن حجب بعض الآيات قد انكشفت أمامه لدى شرحه للأسماء الحسنى: «الفرد، الحي، القيوم، الحكم، العدل، القدوس» حيث قال: «لقد تراءت في أفق عقلي نكتة من النكات الدقيقة.. وتجل من تجليات نور الاسم الأعظم «الحي» أو أحد نوريه أو أحد أنواره الستة، وذلك في شهر شوال عندما كنت في سجن «أسكي شهر» فلم أتمكن أن أثبتها في حينه ولم أستطع أن أقتنص ذلك الطائر السامي، ولكن بعدما تباعد ذلك القبس الوضيء اضطررت إلى الإشارة إليه بوضع رموز ترمز إلى أشعة تلك الحقيقة الكبرى وذلك النور الأعظم».

وأقصد من عرض هذه الأمثلة تأييد ما ذكره الأستاذ النورسي من «أن رسائل النور تفسير معنوي للقرآن الكريم ومعجزة معنوية له».

وأورد خاطرة أخرى مثالاً للحقائق المذكورة: كنت أنا وزبير مع الأستاذ في غرفة في بستان على حافة بحيرة بارلا «أغردير» وذلك في ربيع سنة ١٩٥٤ فقال الأستاذ: «قبل ثلاثين سنة تقريبا وفي هذا الموسم حيث تتفتح أزاهير أشجار اللوز، كنت أتجول هنا -مشيرا إلى الأشجار والبساتين- وإذا بالآية الكريمة: ﹛﴿فَانْظُرْ اِلٰٓى اٰثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ قَد۪يرٌ﴾|﹜ (الروم:٥٠) تَرِدُ إلى خاطري، وفتح الله عليّ هذه الآية في ذلك اليوم فكنت أسير وأتجول وأتلوها بصوت عال حتى قرأتها أربعين مرة، وفي المساء ألفت رسالة الحشر (الكلمة العاشرة) مع الحافظ توفيق الشامي -أي أمليت عليه الرسالة وكتبها-.

Yükleniyor...