وانصرف دون أن يهاجمه أحد من الطلبة... وهكذا زال الخلاف.

ولكن عندما سمع متصرف مدينة «سعرد» الخبر أرسل إلى الملا سعيد ثلة من الجندرمة ليبلغوه أنه أمر بنفي المعارضين له حفاظاً عليه وأنه يستدعيه لمقابلته. ولكن بديع الزمان خاطب رئيس الجندرمة: «نحن طلاب العلم، قد نتخاصم، ثم نتصالح ونتصافى فيما بيننا. فلا نرى من المناسب أن يتدخل من ليس من مسلكنا فيما يدور بيننا.على أن الخطأ قد صدر مني فأرجو إبلاغ المتصرف اعتذاري عن المجيء».

كان الملا سعيد في هذه الأثناء في الخامسة عشر من عمره يتمتع بقوة البدن والنشاط فضلاً عن إفحامه جميع العلماء مما جعلهم يطلقون عليه «سعيدي مشهور» أي السعيد المشهور، حيث أعلن في «سعرد» أنه مستعد للإجابة عن أي سؤال كان يرد منهم دون أن يسأل أحداً سؤالاً.

عاد مرة أخرى إلى «بتليس» وطرق سمعه أن هناك سوء تفاهم بين «الشيخ محمد أمين أفندي» وشيوخ خيزان فحذّر الناس من مغبة الغيبة التي لا تليق بالمسلمين. فشكوه إلى «الشيخ محمد أمين أفندي» الذي قال: «إنه مازال صبياً ليس أهلاً للخطاب».

بلغ هذا الكلام سمع الملا سعيد، وهو الذي لا يتحمل أدنى من هذا الكلام. فحضر مجلس الشيخ، وقبّل يده وقال: «سيدي... أرجو التفضل بامتحاني، فإنني على استعداد لأن أثبت أنني أهل للخطاب».

فأعدّ «الشيخ أمين أفندي» ستة عشر سؤالاً من أعقد المسائل لمختلف العلوم (51) ليوجهها إلى «الملا سعيد». ولم يتوان الملا سعيد من الإجابة عليها جميعاً.

وبعدها ذهب إلى «جامع قريشي» وبدأ بموعظة الناس وإرشادهم. وعلى إثره بدأ قسم من أهالي بتليس بتأييد بديع الزمان ومناصرته والآخرون بدؤوا يناصرون «الشيخ محمد أمين أفندي». فخشي متصرف المدينة من وقوع احتكاك بين الجماعتين فأصدر أمره بنفي الملا سعيد من المدينة إلى شيروان.

وقدّر الله أن تفوته صلاة الفجر ذات يوم. وما إن علم خصماؤه هذا الأمر حتى أشاعوا في المدينة: قد ترك الملا سعيد الصلاة.


Yükleniyor...