للقانون حيث ينبغي حقاً أن يتهموهم بمخالفة القانون إذ يخرقون القانون باسم القانون من خمسة وجوه فيعتدون على القوانين الإسلامية بخسمة وجوه. نعم.. أفي الأرض كلها قانون يتهم رجلاً منعزلاً منذ خمسة وثلاثين عاماً عازفاً عن الأسواق والأرياف، لأنه لم يضع فوق رأسه قبعة الإفرنج؟.

إن من في قلبه ذرة وجدان لينفر ويكره أن يكلِّف بقوة القانون رجلاً بلبس القبعة ليشبه القسيسين الأجانب، رجلاً منزوياً لا يختلط بالناس ولا يريد أن يشغل روحه في شهر رمضان الشريف بشيء قبيح مثل هذا -وخلافاً للقانون- وينقطع عن لقاء أخلائه حتى لا يتذكر الدنيا، بل لا يستدعي طبيباً ولا يأخذ دواء مع شدة مرضه حتى لا ينشغل روحُه وقلبُه ببدنه. مع أن شرطة خمس محاكم وخمس ولايات لم يتعلقوا بما يلبس في رأسه منذ ثمان وعشرين سنة، وفي هذه الكرّة الأخيرة خاصة في محكمة إسطنبول العادلة أمام أنظار أكثر من مائة شرطي وتجوله شهرين راجلاً كيفما شاء، ومع أن محكمة التمييز قررت إجازة القانون للبس «البريه» (بديل القبعة) ومع إقرار عدم إلزام لبسها للنساء ولحاسري الرأس وللجنود العسكريين وللموظفين الرسميين وانعدام المصلحة في لبسها، فلا تقع مسؤولية قانونية على من يلبس البريه وعدّه زياً رسمياً، فأنا لست موظفاً.

فإن ردّ ذاك بالقول: إنما أنا مأمور منفّذ، قيل له: وهل يؤمر الناس بشيء حسب الهوى ليكون قانوناً جبرياً فيدفع عن نفسه بأنه مأمور؟ وفي القرآن الحكيم آية في النهي عن التشبه باليهود والنصارى، وفيه أيضاً: ﹛﴿يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُٓوا اَط۪يعُوا اللّٰهَ وَاَط۪يعُوا الرَّسُولَ وَاُو۬لِي الْاَمْرِ مِنْكُمْ﴾|﹜ (النساء:٥٩) أي أمر بإطاعة أولي الأمر، ولكن بشرط عدم التناقض مع إطاعة الله ورسوله، فيقدر أن يتصرف منفذاً تلك الطاعة. والحال أن قوانين العرف الإسلامي في هذه المسألة، تأمر بالشفقة على المرضى وتنهى عن إيذائهم، والرحمة بالغرباء والبعد عن إيلامهم، ودفع النصب والأذية عن خدام القرآن وعلوم الإيمان في سبيل الله. وإن تكليف رجل انقطع عن الناس وتَرَك الدنيا لأهلها بلبس قبعة القسيسين نقضٌ للقانون بمخالفة القانون ومصادرةٌ لقوانين العرف الإسلامي من مائة وجه، لا من عشرة وجوه، واعتداءٌ على هذه القوانين القدسية من أجل أمر بالهوى. ولا مكان للشك أو الشبهة في أن تصرفاً مثل هذا مع رجل بلغ حافة القبر أنهكه المرض وأضناه الهرم، وغريب ومنعزل عن الناس وتارك للدنيا منذ خمس

Yükleniyor...