القضية لأنها ضمن شمولية قانون العفو العام. ولكن هيئة المحكمة لم تبرئ ساحة رسائل النور، بل استمرت في قرارها حول مصادرتها فقررت المصادرة مرتين، لكن محكمة التمييز نقضت القرارين معاً. ثم اضطرت محكمة أفيون إلى إقرار براءة رسائل النور وعدم مصادرتها. ولكن محكمة التمييز نقضت -هذه المرة- قرار محكمة أفيون لنقص في الأصول الرسمية، وطلبت تدقيق رئاسة الشؤون الدينية للرسائل، فقدّمت الرئاسة تقريراً إيجابياً بحقها. واستمرت المكاتبات الرسمية حتى سنة ١٩٥٦فقررت محكمة أفيون بالإجماع براءة رسائل النور استناداً إلى تقرير الخبراء المذكور. وأصبح هذا القرار قراراً نهائياً قاطعاً. وبعد هذا القرار أصبح طبع رسائل النور مسموحاً به في كل مكان.

ولقد عانى الأستاذ النورسي في سجن أفيون معاناة تفوق بكثير عما كان عليه في سجن دنيزلي، بل إن يوماً من سجن أفيون يفوق شهراً من سجن دنيزلي من العذاب، إذ قاسى من أثر التسميم (291) ما قاسى حتى انقطع عن تناول الغذاء لأيام عدة، وكان وحيداً في ردهة كبيرة في جو شديد البرد، ولم يسمحوا لأحد أن يخدمه أو يعاونه وهو الشيخ الكبير. إنهم كانوا ينتظرون أجله على هذه الصورة.. (292)

«فبينما كنت أتقلب من شدة الحمّى المتولدة من البرد، وأتململ من حالتي النفسية المتضايقة جداً، انكشفت في قلبي حقيقة عناية إلهية، ونُبّهت إلى ما يأتي:

إنك قد أطلقت على السجن اسم «المدرسة اليوسفية»، وقد وَهب لك سجنُ دنيزلي من النتائج والفوائد أضعاف أضعاف ما أذاقكم من الضيق والشدة، ومنحكم فرحاً شديداً وسروراً عظيماً وغنائم معنوية كثيرة، باستفادة المساجين معكم من رسائل النور، وقراءة رسائل النور في الأوساط الرسمية العليا وغيرها من الفوائد، حتى جعلتكم في شكر دائم مستمر بدل التشكي والضجر محوّلة كل ساعة من ساعات السجن والضيق إلى عشر ساعات من العبادة، فخلّدت تلك الساعات الفانية، فهذه «المدرسة اليوسفية الثالثة» كذلك ستعطي -بإذن الله- من الحرارة الكافية ما يدفئ هذا البرد الشديد، وستمنح من الفرح والبهجة ما يرفع هذا الضيق الثقيل، باستفادة أهل المصائب والبلاء معكم من رسائل النور ووجدانهم


Yükleniyor...