يستطيعوا أن يقنعوا أحداً بها. ومع ذلك أحالوني إلى الموقف لمدة يومين بحجج رخيصة تافهة جداً، ووضعوني في قاعة واسعة جداً وحيداً في تلك الأيام الشديدة البرد كالزمهرير، علماً أنني ما كنت أتحمل البرد في بيتي إلّا على مضض وكنت أقاومه بشدة بإشعال الموقد دائماً وبإشعال المدفأة عدة مرات يومياً، وذلك لما أعانيه من ضعف ومرض». (286)

وتبدأ الأسطوانة نفسها من جديد، ويشاع في البلد أن النورسي يشكل جمعية سرية، ويحرض الناس على الحكومة محاولاً هدم نظام الدولة، ويطلق على مصطفى كمال أنه دجال المسلمين.. وأمثالها من الإشاعات والتهم، فيساق الأستاذ مع خمسين طالباً للنور معه إلى محكمة الجزاء الكبرى لأفيون ويودعون جميعاً إلى التوقيف في ٢٣/ ١/ ١٩٤٨.

وبعد إجراء التحقيقات الرسمية المشددة، لم يعثروا على مادة تدينهم قط.. ولكن المحكمة حكمت بقناعة الحاكم الوجدانية -أي دون الاعتماد على دليل- على الأستاذ النورسي بالسجن عشرين شهراً وعلى عالم فاضل ثمانية أشهر، (287) وعلى اثنين وعشرين طالبا ستة أشهر، وأُفرج عن الباقين. (288)

اعترض الأستاذ وطلابه على هذه المعاملات الاعتباطية إلى محكمة التمييز، فأجابت بالآتي: «لما كان بديع الزمان سعيد النورسي قد أصبح بريئاً من التهمة بقرار محكمة دنيزلي، فلا تؤخذ الدعوى المصدّقة من قبل التمييز مرة ثانية بالمحكمة، حتى لو كان قرار محكمة دنيزلي خطأ».

وعلى هذا بدأت المحكمة من جديد واستجوبت المتهمين الأبرياء. وطالب طلابُ النور المحكمة بتنفيذ قرار محكمة التمييز، إلّا أنها تماطلت.. وفي النهاية قررت تنفيذ قرار التمييز إلّا أن المحكمة ادّعت أنها تكمّل بعض الأمور الرسمية الناقصة. بيد أن هذه الأمور الناقصة لم تنته إلى أن قضى الأستاذ وطلاب النور الأحكام الصادرة بحقهم رغم براءتهم. (289)

وفي هذه الأثناء تولى سلطةَ البلاد الحزبُ الديمقراطي (290) وأعلن العفو العام وأُغلقت


Yükleniyor...