لأجل عدم الخوض في السياسة الدنيوية. ولو أني راجعت لكنت أُقيم في إسطنبول بدلاً عن «بارلا» مثلما فعل غيري. وربما سببُ توقيفي الغادر هذه المرة، هو إثارة والي إسبارطة ونفر من موظفي الحكومة الشكوك لدى وزارة الداخلية، لسخطهم عليّ وثلم عزتهم بعدم مراجعتي إياهم، فجعلوا من الحبة قبةً لحقدهم وعجزهم.

الحاصل: يعلم جميع أخلائي الذين يعرفونني عن كثب، بأن الخوض في السياسة، أو التعلق بها، بل حتى التفكير فيها يخالف مقصدي الأساس وأحوالي النفسية وخدمتي القدسية الإيمانية. لقد مُنحتُ نوراً لا صولجان سياسة. إن حكمةً من حِكَم حالي هذه هي أنني أعتقد أن الله تعالى جعل في قلبي نفوراً شديداً من السياسة وكرهاً لها، حتى لا يقع كثير من الداخلين في مسلك الوظيفة والمشتاقين جداً إلى الحقائق الإيمانية، في النظر إلى هذه الحقائق بقلق أو بعين منتقصة، وحتى لا يحرموا منها.

المادة الثانية: التي عليها مدار اتهامي: التواقيع المشاهدة في أواخر رسالة «المعجزات الأحمدية» ورسالة «بقاء الروح والحشر الأعظم». كأنها تواقيع لأفراد جمعية أو دراويش طريقة!

الجواب: إني أطمئنكم بكل قوتي، أن لا ذنب لأصحاب تلك التواقيع في هذا العمل. إن كان ذنباً فهو ذنبي أنا. ترى هل هو ذنبٌ أن يوقّع للذكرى رجلٌ استحسن كرامة رآها رأي العين لبحث «المعجزات الأحمدية»، وعرف التوافقات العجيبة لأحرف «الألِف» في «الكلمة التاسعة والعشرين» إمضاءً غيبياً لحقانيتها؟ أو رجلٌ زارني ونادراً ما يستطيع زيارتي؟ وهل تسمى «جمعية» التواقيع التي يوقع في دفاتر الذكرى لدور الضيافة أو الأسماء التي تكتب في دفاتر البقالين؟ وهل يعقل عاقل أن يكون أصحاب هذه التواقيع التي ظلت معلقة مثل لوحة -ويمكن أن تقع في يد من يشاء- مدة ثلاث سنوات أو أربع في غرفتي في «بارلا»، أفراداً منتمين إلى جمعية سرية؟ إن أكثر أصحاب التواقيع هم من ضيوفي الذين زاروني. ومنهم من لا علاقة له بالسياسة من إخوة الآخرة. فلا تؤذونا -نحن أصحاب التواقيع- كثيراً. فإن أحد إخوتنا الأطهار غاية الطهارة والمستقيم غاية الاستقامة المقدّم المتقاعد المرحوم السيد عاصم قد استجوب في دائرة استجوابِ إسبارطة. فعلم إن صَدَق يلحق ضررٌ بأستاذه، وإن كذبَ يلحق عبء ثقيل بشرفة العسكري الطويل المستقيم

Yükleniyor...