أقول: أتستكثرون علي عَشْر رسائل أو عشرين أو مائة، مرسلة إلى عشرة أخلاء خلال عشر سنوات؟ ألا إنها ليست جريمة وإن كانت ألف رسالة ما دام التراسل مسموحاً به وما دامت لا تتعقب دنياكم؟

الدليل الرابع: إنكم ترون أن كتبي المُصادَرة كلها قد ولّت ظهرها عن السياسة وتوجهت بقوتها كلها إلى الإيمان والقرآن والآخرة، ما عدا رسالتين أو ثلاث رسائل ترك فيها سعيد القديم سكوته، واحتد على تعذيب نفر من الموظفين الغادرين. فاعترض على أولئك الموظفين الذين يسيئون استعمال وظيفتهم وليس على الحكومة، فكتب مشتكياً الظلم. ومع ذلك، اعتبرتُ تلك الرسائل خصوصية ولم آذن بنشرها. فانحصرتْ عند عدد من أخلائي.

إن الحكومة تهتم بالعمل وتترقب الظاهر، ولا يحق لها النظر في القلب والأمور الخفية الخاصة. لذلك يستطيع كل إنسان أن يفعل ما يشاء في قلبه وفي بيته، ويستطيع أن يذم الحكام ولا يرضى عنهم.

فمثلا: كتبت رسالة قصيرة قبل سبع سنوات ومن قبل إحداث الأذان الجديد- أي بالتركية- إزاء تدخل نفر من الموظفين في عمامتي وعبادتي الخاصة وفقاً للمذهب الشافعي. ثم استحدث الأذان بالتركية بعد مدة فقلتُ: إن تلك الرسالة خصوصية ومَنعتُ نشرها.

ومثلاً: كتبت جواباً عندما كنت في «دار الحكمة الإسلامية» عن اعتراض صدر من أوروبا ضد آية الحجاب. وقد سجل الجواب -المسمى رسالة «الحجاب»- قبل أكثر من سنة، مستلاً من رسائلي القديمة، كمسالة من مسائل «اللمعة السابعة عشرة»، ثم سُميت «اللمعة الرابعة والعشرون».. ولقد حجبت رسالة «الحجاب» حتى لا تمسّ القوانين اللاحقة الجديدة.. ولا أدري كيف حصل خطأ فأُرسلتْ إلى جهة ما. ثم إن هذه الرسالة جواب علميّ ومفحم عن اعتراض المدنية على آية كريمة في القرآن، وإن حرية العلم هذه لا يمكن أن تقيد في عصر الجمهورية.!

الدليل الخامس: هو اختياري العزلة والانزواء في قرية بإرادتي منذ تسع سنوات، والانسلاخ عن الحياة الاجتماعية والسياسية، وعدم مراجعتي إطلاقاً خلال عشر سنوات الدوائر الرسمية متحملاً أنواع العذاب المصبوب عليّ مرات عديدة مثل هذه المرة، كل ذلك


Yükleniyor...