الكريم عن أنظار موظفي الدولة. ونشطت الصحافة في نشر الابتذال في الأخلاق والاستهزاء بالدين، فانتشرت كتب الإلحاد وحلت محل كلمات «الله، الرب، الخالق، الإسلام» كلمات «الطبيعة، التطور، القومية التركية..الخ». (98)

وأخذ المعلمون والمدرسون يحاولون مسح كل أثر إيماني من قلوب الطلاب الصغار إذ أصبحوا يلقنونهم الفلسفة المادية وإنكار الخالق والنبوة والحشر. وسعت السلطة الحاكمة آنذاك بتسخير جميع إمكانياتها وأجهزتها وقوتها ومحاكمها إلى قطع كل الوشائج والعلاقات التي تربط هذه الأمة بدينها ونزع القرآن من قلوبهم،حتى إنها قررت جمع المصاحف من الناس وإتلافها، ولكن لما رأوا صعوبة في ذلك خططوا لكي ينشأ الجيل المقبل نشأة بعيدة عن الإيمان والإسلام فيتولى بنفسه إفناء القرآن. (99)

ومن سلسة محاربة الإسلام وملاحقة العلماء اعتقال الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، وأخذه من صومعته في جبل «أرك» ونفيه إلى «بارلا»، وهي بلدة صغيرة نائية، لكي يخمد ذكره ويقل تأثيره ويطويه النسيان ويجف هذا النبع الفياض. بيد أن الأستاذ النورسي بخلاف ما وضع له من خطة رهيبة، لم يترك دقيقة من وقته تمضي في فراغ، بل صرف حياته بدقائقها في سبيل أجلّ خدمة في الوجود، وهي خدمة القرآن والإيمان. فانكبّ على الاستفاضة من أنوار القرآن الكريم مستعصماً به حتى أفاض الله على قلبه من نور الآيات الحكيمة ما أفاض، فأسال منه سلسبيلاً من الرسائل سماها «رسائل النور» ونشرها سراً -بعيداً عن أنظار السلطة- بين محبيه فشفى بها بإذن الله الحيارى المحتاجين إلى الإيمان.

وهكذا شاء الله أن يحمل الراية في تلك الفترة الحالكة بديع الزمان سعيد النورسي وقد قرر العمل ل(إنقاذ الإيمان).. إنقاذ إيمان شعب كامل أصبح في حكم الأسير وصوبت سهام الكفر إليه من كل جانب لاغتيال الإيمان الراسخ في قلبه وأماتته موتاً لا حياة بعده.. وشاء الله


Yükleniyor...