مدة قصيرة جداً. وسبر أغوار هذه العلوم بنفسه دون معونة أحد ودون اللجوء إلى مدرس يدرّسها إياه.
فمثلاً: حفظ عن ظهر قلب خلال أربع وعشرين ساعة كتاباً في الجغرافية، قبل أن يناظر في اليوم التالي مدرس الجغرافية ويلزمه الحجة في دار الوالي «طاهر باشا».
وعلى الشاكلة نفسها ألزم مدرس الكيمياء، بعد أن حفظ كتاباً في الكيمياء غير العضوية.
كان الوالي طاهر باشا يوجه أسئلة -علمية فلسفية- إليه مستخرجاً إياها من بطون الكتب الأوروبية وكان يجيب عن تلك الأسئلة أجوبة قاطعة مع أنه لم يطلع على تلك الكتب ولم يك يتقن اللغة التركية بعدُ، حيث بدأ التكلم بها حديثاً. وعندما شاهد -بعد فترة- تلك الكتب علم أن «طاهر باشا» يستخرج الأسئلة منها، فباشر بدراستها وهضم مضامينها في مدة قصيرة.
وخلال فترة بقائه في «وان» وضع طريقة خاصة به في التدريس تختلف عن الطرق المتبعة آنذاك في المدارس الدينية، استخلصها من العلوم الحديثة التي استوعبها ومن ممارسته تدريس الطلاب، ومن أساليب الدراسة في المنطقة عامة آخذاً بنظر الاعتبار متطلبات العصر الحاضر وحاجاته الملحة. وترتكز طريقته هذه على إعطاء الحقائق الدينية «ممتزجة بالعلوم الحديثة» بأسلوب قريب لمدارك أبناء هذا العصر وإثباتها بأوضح أسلوب وعرضها بما يلائم تفكيرهم.
وذات يوم ذكر لطاهر باشا وجود الجليد على قمم جبال «باشيد» حتى في شهر تموز، فاعترض عليه طاهر باشا قائلاً: لا تبقى الثلوج قطعاً على تلك القمم في شهر تموز.. وفي أثناء قضائه الصيف في مصايف باشيد و«بيت الشباب» تذكر هذه المحاورة التي جرت بينهما فكتب إليه رسالة هي أول رسالة له باللغة التركية وهي:
«يا باشا! الجليد يكسو قمة باشيد.. لا تنكر ما لا تراه عينك.. لا ينحصر كل شيء ضمن معلوماتك.. والسلام».
وفي أثناء المناقشات العلمية مع طاهر باشا طرح عليه السؤال الآتي: «لو فرضنا وجود خمسة عشر مسلماً وخمسة عشر غير مسلم. وقد اصطف كل غير مسلم وراء مسلم في صف
فمثلاً: حفظ عن ظهر قلب خلال أربع وعشرين ساعة كتاباً في الجغرافية، قبل أن يناظر في اليوم التالي مدرس الجغرافية ويلزمه الحجة في دار الوالي «طاهر باشا».
وعلى الشاكلة نفسها ألزم مدرس الكيمياء، بعد أن حفظ كتاباً في الكيمياء غير العضوية.
كان الوالي طاهر باشا يوجه أسئلة -علمية فلسفية- إليه مستخرجاً إياها من بطون الكتب الأوروبية وكان يجيب عن تلك الأسئلة أجوبة قاطعة مع أنه لم يطلع على تلك الكتب ولم يك يتقن اللغة التركية بعدُ، حيث بدأ التكلم بها حديثاً. وعندما شاهد -بعد فترة- تلك الكتب علم أن «طاهر باشا» يستخرج الأسئلة منها، فباشر بدراستها وهضم مضامينها في مدة قصيرة.
وخلال فترة بقائه في «وان» وضع طريقة خاصة به في التدريس تختلف عن الطرق المتبعة آنذاك في المدارس الدينية، استخلصها من العلوم الحديثة التي استوعبها ومن ممارسته تدريس الطلاب، ومن أساليب الدراسة في المنطقة عامة آخذاً بنظر الاعتبار متطلبات العصر الحاضر وحاجاته الملحة. وترتكز طريقته هذه على إعطاء الحقائق الدينية «ممتزجة بالعلوم الحديثة» بأسلوب قريب لمدارك أبناء هذا العصر وإثباتها بأوضح أسلوب وعرضها بما يلائم تفكيرهم.
وذات يوم ذكر لطاهر باشا وجود الجليد على قمم جبال «باشيد» حتى في شهر تموز، فاعترض عليه طاهر باشا قائلاً: لا تبقى الثلوج قطعاً على تلك القمم في شهر تموز.. وفي أثناء قضائه الصيف في مصايف باشيد و«بيت الشباب» تذكر هذه المحاورة التي جرت بينهما فكتب إليه رسالة هي أول رسالة له باللغة التركية وهي:
«يا باشا! الجليد يكسو قمة باشيد.. لا تنكر ما لا تراه عينك.. لا ينحصر كل شيء ضمن معلوماتك.. والسلام».
وفي أثناء المناقشات العلمية مع طاهر باشا طرح عليه السؤال الآتي: «لو فرضنا وجود خمسة عشر مسلماً وخمسة عشر غير مسلم. وقد اصطف كل غير مسلم وراء مسلم في صف
Yükleniyor...