فينبغي مقابلة هذه الحصة أيضاً بالاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله وتأنيب النفس بأنها مستحقة لهذه الصفعة.

وكذا فإن بعض الموظفين السذج والجبناء المنخدعين الذين يساقون إلى ذلك الظلم بدسائس الأعداء المتسترين منهم حصة أيضاً ونصيب، فرسائل النور قد ثأرت لك ثأراً كاملاً من هؤلاء المنافقين بما أنزلت بهم من صفعاتها المعنوية المدهشة. فحسبهم تلك الضربات.

أما الحصة الأخيرة فهي لأولئك الموظفين الذين هم وسائط فعلية. ولكن لكونهم منتفعين حتماً من جهة الإيمان -سواء أرادوا أم لم يريدوا- عند نظرهم إلى رسائل النور وقراءتهم لها بنيّة النقد أو الجرح، فإن العفو والتجاوز عنهم وفق دستور ﹛﴿وَالْكَاظِم۪ينَ الْغَيْظَ وَالْعَاف۪ينَ عَنِ النَّاسِ﴾|﹜ (آل عمران:١٣٤) هو شهامة ونجابة.

وبعد أن تلقيت هذا التنبيه والتحذير الذي كلّه حق وحقيقة قررت أن أظل صابراً وشاكراً جذلاً في هذه المدرسة اليوسفية الجديدة. بل قررت أن أعاقب نفسي بتقصير لا ضرر فيه فأساعد وأعاون حتى أولئك الذين يسيئون إلى ويخاصمونني.

ثم إن من كان مثلي في الخامسة والسبعين من عمره، وقد انقطعت علاقاته مع الدنيا ولم يبق من أحبابه في الدنيا إلّا خمسة من كل سبعين شخصاً، وتقوم سبعون ألف نسخة من رسائل النور بمهمته النورية بكل حرية، وله من الإخوان ومن الورثة مَن يؤدون وظيفة الإيمان بآلاف الألسنة بدلاً من لسان واحد.. فالقبر لمثلي إذن خير وأفضل مائة مرّة من هذا السجن. فضلاً عن أن هذا السجن هو أكثر نفعاً وأكثر راحة بمائة مرة من الحرية المقيدة في الخارج، ومن الحياة تحت تحكّم الآخرين وسيطرتهم؛ لأن المرء يتحمل مضطراً مع مئات المساجين تحكماً من بعض المسؤولين؛ أمثال المدير ورئيس الحراس بحكم وظيفتهم، فيجد سلواناً وإكراماً أخوياً من أصدقاء كثيرين من حوله، بينما يتحمل وحده في الخارج سيطرة مئات الموظفين والمسؤولين.

وكذلك الرأفة الإسلامية والفطرة البشرية تسعيان بالرحمة للشيوخ ولاسيما من هم في هذه الحالة، فتبدلان مشقة السجن وعذابه إلى رحمة أيضاً.. لأجل كل ذلك فقد رضيت بالسجن..


Yükleniyor...